اللبن ، وقد قال
تعالي : «من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين» فظهرت هذه السقيا المباركة
بين الفرث والدم ، وكانت تلك من دلائلها المشاكلة لمعناها ، وأما الغراب فهو فى
التأويل فاسق ، وهو أسود فدلت نقرته عند الكعبة على نقرة الأسود الحبشي ، بمعوله
فى أساس الكعبة يهدمها آخر الزمان فكان نقرة الغراب فى ذلك المكان تؤذن مما يفعله
الفاسق فى آخر الزمان ، بقبله الرحمن وسقيا أهل الإيمان ، وذلك عند ما يرفع القرآن
وتجىء عبادة الأوثان وفى الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليخربن الكعبة ذو السويقتين من الحبشة وفيه أيضا صفية أنه
أفجع ، وهذا ينظر إلى كون الغراب أعصم إذا افجح تباعد فى الرجلين كما ، أن من
العصم اختلاف فيهما ، والاختلاف بتباعد ، وقد بذى السويقتين كما نعت الغراب بصفة
فى ساقية ، فتأمل وهذا من خفى علم التعبير ، لأنها كانت رؤيا ، وأما قرية النمل
ففيها من المشاكلة أيضا والمناسبة أن زمزم عين مكة التى يردها الجميع ، والعماد من
كل جانب فيحملون إليها البر والشعير ، وغير ذلك وهى لا تحرث ولا تزرع ، كما قال
سبحانه خبرا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام «ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى
زرع عند بيتك المحرم» «الآية وقرية النمل كذلك لأن النمل لا يحرث ولا يزرع وتجلب
الحبوب إلى فريقها من كل جانب ، ومكة قال تعالى (كانَتْ آمِنَةً
مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ) مع أن لفظ قرية النمل مأخوذ من قرية الماء فى الحوض إذا
جمعته ، والرؤيا تعبر على اللفظ تارة ، وعلى المعنى أخري ، فقد اجتمع اللفظ
والمعنى فى هذا التأويل. والله أعلم التنبيه الثانى فى بعض فضائل زمزم وخواصها قال
أبو ذر : ـ رضى الله عنه ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنها طعام طعم وشفاء سقم» رواه أبو داود الطيالسى
والطبرانى والبزار ورجاله رجال الصحيح ورواه مسلم بدون وشفاء سقم وقال ابن عباس :
ـ رضى الله تعالي ـ عنهما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ماء زمزم لما شرب له رجاله موثوق إلا أنه اختلف فى
إرساله ووصله أوضح كما قال الحافظ وقال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال رسول الله
صلىاللهعليهوسلم : «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام طعم ص ١٨٤ * وشفاء
سقم رواه الطبرانى ورجاله ثقات وصححه بن حبان وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما.
كنا شباعه يعنى زمزم ونجدها نعم العون على العيال رواه الطبرانى