تمهيد
الحمد لله الذى
حكم بالتغير على كل مخلوق لظهور نوامس عظمته ، وأنزل مثل الجبال من تجلى جلال
أحديته ، وأوجب الاستسلام والانقياد لبالغ قدرته ؛ إذ هو القاهر ، فلا منازع له فى
إرادته ، وإذا أبرم حكما فهو المنفرد بمعرفة حكمته [] في كل شريف ومشروف ، وعم
استيلاء صفة قهره كل منكور ومعروف. من رضى بمجارى أقداره أوصله إلى [] عظمته ، ومن
فتح عين قلبه لتلقي ما يرد عليه [] على باهر حكمته.
والصلاة والسلام
على من أمده [] بالآيات الباهرات والحجج الظاهرات ، وشرف بوجود تلك
المشاعر الشريفة وحمى به حرمه بتلك المناسك المنيعة ؛ فأزال ما بها من الأصنام
وطهرها من دنس الشرك والآثام ، أمده الله تعالى بالآيات ليظهر بذلك كرامته عند
مولاه ، وكان بذلك خليقا ، وليتحقق صدق رسالته حيث تساقطت حين أن تلى عليها قوله
تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) وعلى آله وصحبه أجمعين الذين لم يعبدوا الله على حرف ، ولم
يقصروا فى طلب القصور وقاصرات الطرف وبعد. فيقول الفقير إلى مولاه العلم المأمونى
الشافعى إبراهيم : «إن من المعلوم عند ذوى البصائر وأرباب التأمل والنواظر أن بادئ
البدء لم يعد بقباء أحد من الموجودات خلقه للوجود إلا وقد قذفه فناء وموت ، ولم
يخط لفرد من الأفراد لباس الإيجاد إلا وألبسه عباء فناء وفوت ، إذ قهره تعالى عام
لجميع الموجودات ، وقضاؤه نافذ فى جميع المصنوعات ، وقدرته تعالى ما زالت ترى
عجيبا ، وتبدى غريبا ، وتوقظ بزواجره شاكا ومريبا ، وتبدى شموس المواعظ غير
متوارية بحجاب ، وتذكر بما يبدو منا وما يصدر عنها وإنما يتذكر أولوا الألباب ،
فما من وقت ولا زمان إلا ويظهر من قدرة الله تعالى فيه ما يبهر العقول ، ويعجز عن إدراك
حكمته أرباب المعقول والمنقول.
على أنها الأيام
قد صرن كلها
|
|
عجايب حتى ليس
فيها عجايب
|
__________________