ستة أذرع من الحجر فإن قريشا استقصرتها حين بنت الكعبة» وفى رواية : «فإن بدا لقومك من بعدى أن يبنوه فهلمى لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع» أخرجاه والأحاديث فى هذا المعنى كثيرة ، وقد ذكرنا شيئا منها فى أصل هذا الكتاب ، ولا يعارض ذلك حديث عائشة رضى الله عنها سألت النبى صلىاللهعليهوسلم عن الحجر أمن البيت؟ قال : نعم ؛ لأن هذا الحديث مطلق والأحاديث الأخرى مقيدة. والمطلق يحمل على المقيد أشار إلى ذلك المحب الطبرى لأنه قال والأصح أن القدر الذى فيه من البيت قدر سبعة أذرع ، وقد جاء مصرحا به فى الحديث عن عائشة فذكر عنها ما سبق بالمعنى مختصرا ، ثم قال : فيحمل المطلق فيما تقدم على هذا ، وإطلاق اسم الكل على البعض جائز على سبيل المجاز المستحسن ذكر ذلك فى شرحه للتنبيه انتهى. ذلك وأما قوله صلىاللهعليهوسلم فى حديث عائشة المطلق : «ولو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية ، فأخاف تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر فى البيت» الحديث ، فإن حال من قال بأن الحجر كله من البيت لا يخلو من أمرين : إما أن يقول أشار النبى صلىاللهعليهوسلم بقول هذا إلى إدخال بعض الحجر أو جميعه ، فإن قال من قال بالأول فقد ناقض قوله أن الحجر كله من البيت ، وإن قال بالثانى ففى صحته نظر ؛ لأن فى البخارى من حديث عائشة عن النبى صلىاللهعليهوسلم «وأدخلت فيه ما أخرج منه وبلغت به أساس إبراهيم» وهذه الرواية تقتضى أن النبى صلىاللهعليهوسلم يختار رد البيت إلى أساس إبراهيم ، وأساس إبراهيم الذى أشار إليه النبى صلىاللهعليهوسلم هو الذى أدخلته قريش فى الحجر لأنه لا خلاف بين أهل العلم بالتاريخ أن البيت فى عصر النبى صلىاللهعليهوسلم كان مبنيا من جميع جوانبه على أساس إبراهيم إلا من جهة الحجر ، فيكون أساس إبراهيم الذى أشار إليه صلىاللهعليهوسلم هو الأساس الذى فى جهة الحجر ، وهو الأساس الذى بنى عليه ابن الزبير كما فى صحيح مسلم وتاريخ الأزرقى ، ومما يدل على أن بعض الحجر من البيت لا كله كون النبى صلىاللهعليهوسلم أرى عائشة مقدار ما تركته قريش من الكعبة فى الحجر ، ولو كان الحجر كله فى الكعبة لم يكن رأى رأيه محل والله أعلم ، وقد اختلفت الروايات عن عائشة رضى الله عنها فى مقدار ما فى الحجر من الكعبة ففى رواية قرب من سبعة أذرع ، وفى رواية ستة أذرع أو نحوها ، وفى رواية سبعة أذرع ، وفى رواية خمسة أذرع ، وفى رواية أربعة أذرع ، وهذه الرواية الأخيرة فى كتاب الفاكهى بإسناد فيه من لم أعرفه وما عدا ذلك من الروايات صحيح الإسناد واختلاف الروايات عنها من قدر ما فى