وفتيات عفيفات ،
بأصواتهن الملائكية يتغنون بالموال الحزين .. أو بالقصائد الغزلية .. وترقص
الراقصات والراقصون .. والكل يطلق «الحي .. هو» . وتشمل المكان نغمة روحانية بحيث لا يتمالك الحضور نفسه عن
التكبير وآرباب التجارة .. كان كل منهم يعرض ما لديه من بضائع رائجة .. وفى سوق
لحسا ـ الاحساء ، سوق اللولي ـ «اللؤلؤ ..» كما يسمونه .. ويؤدى إليه طريق عام .. أو
هو نفسه طريق عام .. سوق طويل المتاجر على الجانبين ، جميع دكاكينه كشباك السمك ،
قد نسجت من شبك رقيق .. وتمتد على الطريق بمصلوبات جميلة .. والسوق كله مزين ..
ومعروض فيه وعلى الطريق الرئيسى شتى أنواع الحرير الأخضر .. والقمحى ـ البني
الفاتح واللون البحري أى الأزرق فى زرقة البحر .. كما تعرض القطيفة.
كما توجد فى
دكاكين بائعى الجواهر الألماس ، والياقوت اللعل ـ الأحمر والزمرد ، والفيروز ـ الپيروز
، والعقيق ، واليمنى والصمغ الجبلى وزبرجد عين الحور ، وعين السمك. وكل أنواع
المجوهرات الغالية الثمن قد عرضها آصحاب المحلات فى عروض مبهجة ... حتى حوّلت شمس
مكة المشرقة إلى شموس مشعشعة. ولما كانت أشعة شمس الدنيا تسقط عليها لم يكن يستطيع
المرء أن ينظر إلى الأشعة المنبعثة عنها .. ولم يكن ليجرأ أن يفتح عينيه تجاهها ..
وكانت العيون النرجسية تقف أمامها مبهورة ..
أما فى سوق
العطارين ؛ حتى فى حالة عدم العبور ، فإن موارد العود ، والعنبر الخام ، والعود
الملبّس ، والمسك ، والكافور المسكي ، والسنبل الهندي ، والسنبل الخيطاى تفوح
روائحها .. وتعبق المكان ويصبح رأس ، ودماغ كل انسان معطر .. أما فى سوق السلقرى ؛
فإنك ترى الورد ، والفل والسنبل ، والصندل ، وماء الورد والعطر السلطانى ،
والياسمين ، والبنفسج ، والحناء .. كلها تفوح منها الروائح التى تعيد روح الشباب
إلى الإنسان.
__________________