الذهب. وعدا هؤلاء ألف خادم آخر للجامع ، فإذا ما شاهدوا المتصدق وهو يخرج
__________________
بوخيرة كثير من الأمور ، وأن البعض منهم قام بآعمال فدائية وبطولية كبيرة. منهم «مرمس Mermes الرومانى ، وكافور الآخشيدى الذى حكم مصر ، وكان طواشيا أسودا ، وأرجوان الذى كان طواشيا أبيضا وأدار دفة الحكم لمدة طويلة فى أيام الحاكم بأمر الله. وكان منهم من تولوا المناصب العليا فى الهند وفارس والصين .. وكانوا من أصحاب النفوذ فى آواخر عهد الدولة الرومانية.
ويسجل التاريخ أيضا أن بعض الخصيان «الطواشية» قد تولوا المناصب العالية كالصدارة ، والوزارة فى العهد العثماني أمثال على باشا الخادم ، وسليمان باشا الخادم.
وقد تم الاستمرار فى هذه العادة فى العالم الإسلامى لعدة أسباب ؛ كالخوف والغيرة فى الحرم السلطانى ، وعلى الرغم من تحريم ذلك بل تجريم عملية الخصى هذه إلا أن بعض الحكام قد غضوا الطرف عن منعها .. وكان زيد بن معاوية هو أول من استخدم الطواشية فى الإسلام ، فلقد استخدم يزيد طواشيا يدعى «فتح» كياورله. ثم تبعه الخلفاء الذين جاءوا بعده فى هذه السنة وهذا مما أدى إلى كثرة استخدامهم فى العالم الإسلامى.
ولما زادت الرغبة فى استخدامهم ، زاد تجار الرقيق من اليهود فى أسعارهم ، وبالغوا فى ذلك. وكان هؤلاء النخاسون اليهود يخصون الذكور من العبيد الذين يجمعونهم من شتى الآقاليم المباح فيها تجارة الرقيق .. ويبيعونهم بهذا الشكل .. وقد لاقت رواجا كبيرا على أيدى هؤلاء التجار اليهود .. وأسسوا مجموعة كبيرة من المستشفيات للقيام بهذه المهمة. وكانت اشهرها هى تلك التى تأسست فى مدينة ويردون"Verdun ". وقد اكتسبت شهرتها خلال سنوات الحرب الفرنسية ـ الآلمانية. ولقد نشط تجار الرقيق خلال هذه الحرب ، وجمعوا أطفالا لا حصر لهم ، وقاموا بخصيهم ، وقد مات الآلاف منهم من جراء هذه العمليات الوحشية ، ومن بقى منهم على قيد الحياة ، كانوا يرسلون بهم إلى اسبانيا حيث يباعوا للعظماء ، والأثرياء بثمن باهظ. ثم رويدا ، رويدا راحت عمليات تبادلهم كهدايا مثل الخيول أو أدوات الصيد وما شابه ذلك ..
فمثلا كان حكام الفرنجه لكى يداهنوا الحكام العرب المسلمين فى الأندلس كانوا يبعثون لهم مجموعة من الطواشية ضمن الهدايا التى يبعثون بها إليهم. فعند ما أراد حاكم برشلونه ، وطارغونه تجديد الصلح مع الخليفة المستنصر فى الأندلس فقد أرسلا له عشرين طواشيا من آطفال السلاو ، وعشرين قنطارا من الفراء الثمين ، وكان الخلفاء يشكلون منهم فرقا خاصة لخدمتهم والعناية بأمور القصر والخدمة داخله. وكانت طوابير الطواشية تحتل مكانها بين الطوابير الأخرى فى الأحتفال بالجلوس على العرش ، أو تعين وليا للعهد أو سائر المناسبات الأخرى.
كان أكثر الطواشية الذين جقبوا إلي العالم الإسلامى يحضرن من الأندلس حيث تتم عملية الخصى فى الأماكن القربية منها. أو من ناحية جوراسان حيث كان بعض تجارها يشترون العبيد من بلاد السلاو ويقولان بهذه العملية لهم ، ثم يبيعونهم.
ولا بد من الاشارة أيضا. إلى أنهم كانوا يتدخلون فى شئوون الحكم والإدارة لما يملكونه من نفوذ بسبب حساسية الأماكن التى كانوا يخدمون فيها.
كما يقال أن بعض المتعصبين المسيحيين كانوا يقومون باجراء هذه العمليات لأنفسهم لقتل الرغبة الجنسية ، والشهوة فى داخلهم ولكى يوقفوا حياتهم للحياة الآخروية .. ومن أشهر هؤلاء اوريجان"Origen " الاسكندرانى وكان عالما كبيرا فى العقائد المسيحية. بل شهدت العصور الوسطى بعض من المذاهب الدينية المسيحية التى كانت تقوم بهذه العمليات لوقف حياتهم على العبادة فقط. وكان لهم صوتهم المسموع فى ايطاليا.
أما فى الدولة العثمانية ، فقد كان هناك الآغوات البيض ـ أى الظواشية الذين يجلبون من البلدان الأوروبية ، ويطلق عليهم آق آغا ـ الآغا الأبيض ، أما الطواشية السود ، فقد كان يطلق عليهم «خادم آغا» أى الأغا الخادم.
وكانوا يجلبون من الحبشة أو من أفريقيا عامة.
كان مراد الثانى هو أول من استخدم الطواشية البيض للخدمة فى السراى. قاموا بالخدمة فى أول الأمر ،