البلاد حتى وصل إلى سيواس في بلاد الروم ، فحاصرها ، ثم دخلها عنوة ، وأهلك جميع مقاتلتها حيث دفنهم وهم أحياء ؛ ثم قصد عدة مناطق من بلاد المماليك الشمالية فنهبها وخربها وسفك فيها الدماء.
عندها أصاب الناس في بلاد الشام ذعر شديد ، وازداد خوفهم لما علموا برفض الأمراء المصريين لطلب ملك بلاد الروم بايزيد بن عثمان الذي دعى فيه إلى جمع الشمل لمقاتلة التتار ، ولما رأوا من تخاذل السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق ، وتباطئه عن المسير إلى الشام.
وكان نواب المماليك في الشام قد قرروا أن يخرجوا بجموعهم لمقاتلة التتار ، فتوجهوا إلى حلب ، حيث انضم إليهم أهل حلب جميعهم ، ثم خرجوا إلى ظاهر المدينة ، فزحف عليهم تيمور لنك بجنود كثيرة ، كالجراد المنتشر ـ وذلك في سنة ٨٠٣ ـ واشتد القتال بين الفريقين ، وأبلى نواب الشام بلاء حسنا ، لكن لم تمض فترة وجيزة من اللقاء إلا وجنود الشام يفرون إلى حلب ، فتتبّعهم التتار بشدة حتى هلك من المسلمين من شدة الزّحام وتحت حوافر الخيل ما لا يدخل تحت الحصر.
ثم دخل تيمور لنك بقبيله حلب ، فاستباحوها ، وكثر منهم القتل ، والسبي ، والنهب ، والتخريب ، فقتلوا الرجال والأطفال ، وسبوا النساء ، وارتكبوا فيهن العظائم ، وهدموا الدور ، وقطعوا الأشجار ، وأحرقوا المساجد والمدارس والمكتبات ، وأشعلوا النار في حلب كلها حتى صارت أطلالا بالية.
وفي هذه الفترة كان ابن تيمور لنك قد ملك حماه ، وسار فيها سيرة أبيه في حلب.
ثم مضى تيمور لنك لعنه الله إلى دمشق ، وكان أهلها ، ومقاتلتها قد أتموا تحصينها ، واستعدوا لملاقاة التتار ، وبينما هم كذلك وصل السلطان فرج بن برقوق إلى دمشق ، وعسكر مع جنده في ظاهرها ، ومن ثم أخذت جموع التتار