عشرة مدرسة ، وأحرق خمس خزائن للكتب ، ونهب سبع خزائن كتب» (١).
ومن أعظم فتن هؤلاء المفسدين ، فتنة الغزّ (٢) الأتراك المسلمين ، الذين قاموا سنة ٥٤٨ بغارات واسعة على مدن وقرى خراسان ، فنهبوها ، ووضعوا السيف في أهلها ، وقتلوا جماعة لا تحصى من القضاة والأئمة والعلماء ، وسبوا النساء والذرية ، وأحرقوا المكتبات العظيمة في مرو ، ونيسابور ، وطوس ، وغيرها ، وهدموا دور العلم ، ولم يسلم من خراسان في هذه الفتنة إلا هراة ودهستان.
وكان من خبرهم في نيسابور أنهم لما دخلوا البلد اجتمع الناس في الجامع الكبير ، وطلبوا الأمان ، فدخل عليهم الغز وقتلوهم عن آخرهم ، وفيهم عدد كبير من الأئمة.
ولم تقتصر غارات الغز على بلاد خراسان بل تقدموا غربا إلى الرّيّ ، وأذربيجان ، والجبال ، والعراق ، فنهبوا ، وقتلوا ، وسبوا ، وارتكبوا كل كبير (٣).
ومن فتن المفسدين التي ضيعت جملة كبيرة من تراثنا المكتبي العظيم ، ما حدث في البصرة سنة ٤٨٣ عندما دخلها رجل ادعى أنه المهدي ، وحارب أهل البصرة ، وشجع عليهم أهل العبث والفساد فنهبوا المدينة ، وأحرقوا أعظم مكتباتها قال ابن الجوزي : «ورد البصرة رجل كان ينظر في علوم النجوم ، يقال له تليا ، واستغوى جماعة ، وادعى أنه الإمام المهدي ، وأحرق البصرة ، فأحرقت دار كتب عملت قبل عضد الدولة وهي أول دار كتب عملت في الإسلام» (٤).
__________________
(١) الكامل ٩ / ٧٤.
(٢) كان الغز يسكنون بلاد تركستان فلما ملك الخطا بلادهم ، أخرجوهم منها ، فقصدوا خراسان ، وكانوا خلقا كثيرا.
(٣) ينظر تفصيل خبر الغزّ في الكامل ٩ / ٣٧٧ ـ ٣٩١ و ١١ / ١٧٦ ـ ١٨٣ ؛ كما أشار السمعاني في مواطن كثيرة من كتاب التحبير إلى قتلهم للعلماء ، وإفسادهم في البلاد ، ينظر مقدمة تحقيق التحبير ١ / ٦١ ـ ٦٢.
(٤) المنتظم ٩ / ٥٣.