الثالث : وبين هذا وذلك أخذ فريق سبيلا وسطا ، فلا تبرير للأخطاء ، ولا تضخيم لها : ولكي يصل الباحث إلى الرأي الموضوعي لا بدّ أن يدرس أمرين أساسيين : أحدهما : تاريخ زوجات الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ دراسة موضوعية ، والآخر : موقف القرآن عبر دراسة شاملة لكل ما أوردته آياته في هذا الموضوع ، ولكن بما أن في التاريخ اختلافا وتزويرا فإنّ القرآن يبقى هو الميزان الثابت والفرقان الأعظم وبالخصوص في القضايا الحساسة كالموقف من زوجات سيد الرسل ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فما هو موقف القرآن؟
لقد سجلت الآيات القرآنية موقف الرسالة الإلهية في هذه القضية ، ويكفينا أن نعرض هنا ما جاءت به سورة التحريم التي يبدو أنّها تحدّثنا فيما تحدثنا عن هذا الموضوع كخط عام لآياتها.
١ ـ ففي البداية تبيّن أنّ الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يتعرض للضغط من قبل بعض أزواجه ، حتى يضطر في بعض الأحيان أن يحرّم على نفسه ما أحلّه الله له ، فيضيّق عليها طمعا في مرضاتهنّ (الآيات ١) ، وهاتان الآيتان تعريض ببعض زوجات الرسول وليس به ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
٢ ـ إنّ اثنتين منهنّ خانتا النبيّ بإفشاء بعض ما أفضى إليهما من الأسرار (الآية ٣).
٣ ـ إنّهن أو بعضهنّ كنّ يملن عن الحق في بعض الأحيان (تصغي قلوبهن) ويمكن أن يتبن عن ذلك إلى الله ، كما يمكن أن يتمادين في الميل إلى حد المظاهرة ضد ـ الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وبالتالي الوقوف ضد جبهة الحق التي مثّلها الله ، وأمين وحيه (جبرئيل) ، وخيرة المؤمنين ، والملائكة الذين ينصرون النبي (الآية ٤).