بأعمالكم تكونوا من جيران الله في داره» (١).
نعم. إنّه تعالى لا يحتاج إلينا ، ولا لأحد من خلقه ، وإنّ ما نملك من شيء فهو من فضله ورزقه ، ودعوته لنا الى الإنفاق في صالحنا ، فبالانفاق في سبيله نعالج مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، ونزكي أنفسنا ، وفي الاخرة أجر وثواب عظيمان ، فلنستمع لندائه ، ولنستجب دعوته :
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)
إنّه لا يريدنا ان ننفق كل أموالنا في سبيله ، انما يريد بعضها ، فالقرض هو الاقتطاع ، ولعلّ في الكلمة اشارة الى الصعوبة التي يواجهها الإنسان عند الإنفاق والتي تشبه القرض. أو ليس يريد مخالفة هواه ، وحبه للمال؟ اذن فليتحمل ، وليعلم انه في صالحه دنيا وآخرة.
وربنا لا يريد اي إنفاق ، انما الإنفاق الحسن ، ولا يكون كذلك الا إذا اشتمل على المواصفات التالية :
١ ـ أن يكون من المال الحلال ..قال أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل : «أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ» فقال : «كان القوم قد كسبوا كاسب سوء في الجاهلية ، فلما أسلموا أرادوا ان يخرجوها من أموالهم فيتصدقوا بها ، فأبى الله عز وجل ان يخرجوا إلّا من أطيب ما كسبوا» (٢) وفي قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) قال : «كان الناس حين أسلموا عندهم مكاسب من الربا ، ومن أموال خبيثة ، فكان الرجل يتعمّدها من بين ماله فتصدق بها ، فنهاهم الله
__________________
(١) نهج / ج ١٨٣ ص ٢٦٧
(٢) وسائل / ج ٦ ص ٣٢٥