لمجرد الانتماء الى صفوف المجاهدين الرساليين قبل الفتح ، ولا لعوامل ذاتية تنحصر في ذلك الجيل ، كلا .. إنّما التفاضل بالأعمال الصالحة التي يحيط بها علم الله.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
إذ لا يكفي أن يقتات الجيل السابق بأمجاده الغابرة ، ويتوقّف عن العمل اعتمادا على ذلك التفضيل ، ولعلّ في هذه الخاتمة إشارة لطيفة إلى موقف الإسلام من صراع الأجيال ، ففي الوقت الذي يعترف فيه بوجود الأجيال بل بتمايزها ، لا يدعوها للصراع ، بل يدفعها باتجاه الالتحام والتعاون والتسابق البنّاء في ميدان السعي والعمل.
[١١] ويجادل البعض : ما دام لله ملك السماوات والأرض ، وهو على كلّ شيء قدير ، فلما ذا يأمرنا بالإنفاق؟ ويقول ربنا عن مثل هؤلاء : «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» (١) ، كل ذلك تبريرا لتخلّفهم عن الحق ، وسعيا للتملّص من المسؤولية ، ولكنّ المؤمنين يدركون غنى الله ، وأنّه إنّما فرض الإنفاق ليبتلي عباده ويستأديهم ميثاقه بالطاعة له. قال أمير المؤمنين (ع) : «أسهروا عيونكم ، وأضمروا بطونكم ، واستعملوا أقدامكم ، وأنفقوا أموالكم ، وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم ، ولا تبخلوا بها عنها ، فقد قال تعالى : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) ، وقال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) ، فلم يستنصركم من ذل ، ولم يستقرضكم من قل ، استنصركم وله جنود السماوات والأرض ، واستقرضكم وله خزائن السماوات والأرض ، وهو الغني الحميد ، وإنّما أراد أن يبلوكم أيّكم أحسن عملا ، فبادروا
__________________
(١) يس / ٤٧