الإنفاق والقتال الذي يلي الفتح إنّما بفضل الانتصار الذي ارتفع بسببه الحرج ، وصلحت الظروف المضادة ، والكثير من الناس مستعدون للإنفاق في ظل المجتمع المسلم أكثر من استعدادهم للإنفاق في ظل الحركة بالذات إذا كانوا يستضعفونها ، ولعلّه لو لم ينبر لدعم الرسالة أولئك السابقون ما كانت تقوم لها قائمة.
٣ ـ لأنّ الإنفاق والقتال قبل الفتح أكثر صعوبة وتحديا بالنسبة للإنسان ، فقد يجر عليه الكثير من الويلات والمشاكل ، إذا عرفه أعداء الرسالة كالانظمة الفاسدة ، ويكفيه فضيلة أنّه يقاوم به في ظروف أكثر معاكسة وتحديا ، حيث الناس كلّهم متقاعسون ، والنبي (ص) يشير الى هذه الحقيقة إذ يقول : «خير الأعمال أحمزها». أما بعد الانتصار والفتح فقد يكون الإنفاق سبيلا الى المجد الاجتماعي.
إنّ الإنفاق قبل الفتح يدلّ على عمق الايمان ، لان على المنفق يومئذ أن يجتاز ثلاث عقبات : عقبة حب المال ، وعقبة الضغوط السياسية ، وعقبة التحدّيات الاجتماعية .. كذلك يكون إقدامه على القتال وإنفاقه نابعا حينها من روح ايمانية خالصة ، وليس من اختلاط الدوافع والدواعي.
(لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا)
ولكن لا ينبغي أن يكون هذا التفاضل سببا للتعالي عند فئة ، ولا لليأس والاحساس بالضعة عند الأخرى ، كما لا يعني أن اللاحقين لا حظّ ولا فضل لهم ، كلّا ..
(وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى)
يعني الجنة والرضا والجزاء ، ويؤكّد القرآن في نهاية الآية أنّ التفاضل ليس