يشك فيه تعالى وفي قدرته على البعث؟ (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى * ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (١)؟! بلى إنه قادر وكفى بالنشأة الاولى مذكرا لنا بهذه الحقيقة المودعة في فطرتنا وعقولنا.
ودعوته الى التذكر هنا بعد قوله : ((فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) الآية ٥٧) ، يهدينا الى ان المسافة بين الإنسان وبين التصديق بالله وباليوم الآخر قريبة جدا لا تحتاج الا الى التذكر وذلك بالتوجه الى مقاييسه العقلية التي يمارس بها فعاليات حياته.
[٦٣ ـ ٦٤] ويلفتنا الذكر الحكيم الى آية اخرى تهدينا لو تفكرنا فيها الى الخالق اللطيف عزّ وجلّ والذي يتجلى لخلقه في كل شيء حتى لا يجهلوه في شيء ، انها آية الزراعة ، التي تعرفنا من جهة بربنا ، وتضع أمامنا من جهة ثانية صورة واضحة وقريبة لواقع البعث والنشور ، حيث نضع البذرة في التراب ، فلا تلبث بعد ان نصب عليها الماء أن تصير نبتة ، ثم تستوي على سوقها تحكي الحياة بكل روعتها وعنفوانها.
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ)
انه لا يحدثنا عما لا نزرعه من الأشجار والنباتات لان عدم صنعنا فيها ثابت فهي إذا من عند الله ، إنما يحدثنا عما نزرعه بأيدينا ونحرث له ، والحرث هو قلب الأرض ووضع البذور فيها ، والرؤية في الآية منصرفة الى رؤية البصيرة كما هي في الآيات (٥٨ ، ٦٨ ، ٧١) ، ونحن بعد ان نرى بهذا المعنى ينبغي لنا ان نجيب على السؤال :
(أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)
__________________
(١) القيامة / ٣٧ ـ ٤٠.