غِسْلِينٍ* لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ» (١) ، ولأنّهم كانوا في الدنيا متخمين على حساب ملايين الجائعين من حولهم ، دون أن يشبعوا من التهام الحرام ، يسلّط الله عليهم الجوع حتى أنّهم ليملئون بطونهم من الزقّوم على ما فيه من العذاب ، فلقد قال رسول الله (ص) يصفه : «ولو أنّ قطرة من الزقّوم والضريع قطرت في شراب أهل الدنيا مات أهل الدنيا من نتنها» (٢) ، وحينما يبلغ طعامها بطونهم يجدون الحاجة الملحّة إلى الشراب بما لا يمكن التصبّر عليها ، فلا يجدون إلّا الحميم فيشربون طمعا في ريّ ظمئهم ، وإطفاء التهاب الزقوم واستعاره في أمعائهم.
(فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ)
ولكنّهم لا يشربون قليلا ويكتفون أو يتوقّفون ، إنّما يشربون كالرمال التي لا تروى ، أو كالإبل التي ضربت في الصحراء هائمة (لا تدري إلى أين) (٣).
(فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)
قالوا : (الْهِيمِ) الإبل العطشان التي لا تروى لداء يصيبها ، وقيل : (الْهِيمِ) الأرض السهلة ذات الرمل (التي لا يستقرّ عليها الماء) ويقال لكل ما لا يروى من الإبل والرمل أهيم (٤).
ومن هذه الآية عكس الإمام الصادق (عليه السلام) حكم الكراهة في الشرب بنفس واحد. قال أبو بصير (ر ض) : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : «ثلاثة
__________________
(١) الحاقة / ٣٣ ـ ٣٧
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٢٢ نقلا عن روضة الواعظين
(٣) المنجد / مادة هيم
(٤) القرطبي / ج ١٧ ص ٢١٥