القيامة حيث يصبح الناس أزواجا ثلاثة ، حسب التعبير الوارد في هذه السورة ، وتتقطّع الوشائج كما قال ربّنا سبحانه : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) (١).
وتوحي كلمة «إِلى» في هذه الآية بالسّوق ، وكأنّهم يجمعون ثم يساقون إلى ذلك الميقات ، كما قال سبحانه : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) (٢) ، ومثل التعبير في آية الواقعة نجده في قوله سبحانه : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) (٣).
[٥١ ـ ٥٥] ويوجّه القرآن الخطاب إلى أصحاب المشأمة مثيرا إلى أهمّ صفتين تميّزهم :
(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ)
فالأمر يومئذ لا ينتهي عند البعث ، فهناك ما هو أعظم ممّا يليه وهو الجزاء ، الذي يشكّل إنكاره العامل الحاسم والرئيس في كلّ انحرافات البشر. ويزعم البعض أنّ تكذيبه بالآخرة يخلّصه من مسئوليته ، وكأنّ من يصدّق بشيء هو وحده يتحمّل مسئوليته! كلّا .. انّ التكذيب ليس فقط لا ينجي صاحبه من عاقبة أفعاله ، بل هو بذاته جريمة توجب عقابا شديدا ، وكما التكذيب الضلالة فإنّها لا تبرّر الجرائم إذ أنّها من فعل الإنسان نفسه ، كما أنّ الهداية من مسئولياته. أو ليس قد وفّر الله لنا أسباب الهداية ، فمن ضلّ فإنّما يضلّ على نفسه.
ولعلّ تقديم التكذيب على الضلالة في آخر السورة (الآية ٩٢) خلافا لما عليه هذه الآية يهدينا إلى أنّ (الضلال والتكذيب) كلاهما سبب للآخر ومسبّب له ،
__________________
(١) الروم / ١٢ ـ ١٤
(٢) القمر / ٨
(٣) الجاثية / ٢٦