الله : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (١) ، ولا ينحصر الشرك في قول النصارى : (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٢) ، ولا في قولهم : (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (٣) ، ولا في عبادة الأصنام والأوثان ، بل في التسليم لأيّ منهج أو قيادة باطلة ، فقد يكون الشرك سلوكا اجتماعيّا وقولا باطلا ، قال الله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) (٤).
والآية تبيّن لنا حجم الذنب الذي يمارسه فريق المشأمة بثلاثة حدود : الأوّل : هو الإصرار الذي يجعل الذنب الصغير كبيرا ، فكيف وهو واقع على ذنب كبير؟ والثاني : الحنث أي مخالفة ما تعهّد به الشخص ، وألزم نفسه باتباعه. ولا ريب ان مخالفته لا تنعكس على ضياع حقوق المجتمع ، بل على سحق كرامة المحنث نفسه ، حيث يسقط اعتباره وشخصيته فلا يعود أحد يثق به ، بل لا يعود يثق هو بنفسه ، ذلك انّ أساس الأخلاق احترام الإنسان لنفسه ، وثقته بكرامته ، فاذا فقد ذلك فلا يبقى لديه أي أساس للالتزام بالقيم ، والثالث : الشرك الذي هو أعظم الحنث ، وعموما كل حنث عظيم ، والذي يهتك أعظم عهد ويمين في حياته هل تبقى عنده حرمة واعتبارات لاي يمين وعهد آخر؟!
ثالثا : الجحود بالآخرة ، الذي كان يتناسب مع الترف الذي يحصر الإنسان في حدود الدنيا ، ومع الشرك الذي يبرر للنفس انحرافاتها وتبرّيها من المسؤولية ، وهم لا يكفرون بها وحسب بل ويسفّهون فكرتها وقيمها عند الآخرين بالتشكيك
__________________
(١) المائدة / ٧٢
(٢) المصدر / ٧٣
(٣) المصدر / ٧٢
(٤) الحج / ٣٠ ـ ٣١