القول بأنه كان يتعب فيستريح كلا.
(وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ)
إن الله قادر على خلق كل شيء في مدة يتلاشى فيها الحساب الزمني ، وإنما جعل الخلق في ستة أيام لحكمة يعلمها ، أنه أراد بيان حقيقة مهمة لنا ، وهي ان كل شيء في الحياة لم يخلق كاملا منذ أول لحظة ، وإنما هو يسير نحو التكامل ، وحتى أنت أيها الإنسان في مسيرة البناء الذاتي أو الحضاري ينبغي لك التحرك نحو الأسمى.
وما دام الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في هذه المدة ومن دون أن يمسه شيء من التعب أو التكلف ، فهل يصعب عليه بعثنا يوم القيامة؟ وما نحن بالنسبة لذلك الخلق حتى يصعب على مبتدعه خلقنا مرّة أخرى؟! «(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها* وَالْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) ـ ثم مباشرة يحدثنا عن يوم القيامة فيقول : ـ (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى)» (١) والصلة المختصة بين الحديث عن آيات الطبيعة وعظمتها ، والحديث عن يوم القيامة لاثبات فكرة البعث من خلال تلك الآيات والعظمة صلة صميمة تتجلى في كل آيات القرآن.
[٣٩ ـ ٤٠] ويكاد قلب المؤمن يتفطر من تكذيب الكفار بحقيقة البعث والجزاء التي يتلمسهما المؤمن وراء كل ظاهرة وفي كل أفق وفي كل لحظة من حياته ، الأمر الذي قد يستدعي منحة زخة من الصبر.
__________________
(١) النازعات / ٢٧ ـ ٣٤