ونتساءل : بعد هذا هل يصح لنا أن نغلق باب رحمة الله عن أنفسنا باليأس؟!
وبعد ان فتح الله للمذنبين بابا من رحمته الواسعة ، وهو باب الرجاء ، يفتح لهم بابا آخر ، هو باب التوبة والعودة اليه.
(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ)
بترك الشركاء المزعومين من دونه ، لأنّه وحده الربّ الحقيقي للخلق.
(وَأَسْلِمُوا لَهُ)
بالخضوع والطاعة ، لأنّ رضى الله وأمره ونهيه هو الذي ينبغي له أن يؤثر في شخصية الإنسان ، أمّا العوامل الأخرى كالمال والسلطة ، وما يسمى بالحتميات فيجب تجاوزها كلّها ، وتلك الإنابة وهذا التسليم يجب أن يكونا عن وعي تام بضرورتهما لا بسبب شخوص العذاب الإلهي لأنّهما حينئذ لا ينفعان.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)
حيث لا تقدر الآلهة المزيفة على ردّ عذاب الله عنكم.
[٥٥] (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)
وقد اختلف المفسرون كثيرا في معنى الأحسن ، فقال بعضهم : إنّ الأحسن هو الناسخ لقوله تعالى في سورة البقرة : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) ، وقال ابن عباس : «أي من الحلال والحرام ، والأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، فمن أتى بالمأمور به ، وترك المنهي عنه ، فقد اتبع الأحسن» (١)
__________________
(١) المجمع / ج (٨) ص (٥٠٣).