ثانيا : بأن منهج القرآن في توعية الإنسان باليوم الآخر منهج فريد ، ولا يبلغ فهمه غير الذين يتدبرون في آيات الكتاب ويتذكرون بها.
[٣٠] وينقلنا السياق إلى قصة سليمان (ع) بعد ان استوحى عبر قصة داود (ع) وتلتقي القصتان في أنهما مثل لتجاوز الإنسان فتنة السلطة والقوة.
(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)
فميزة سليمان وعظمته الحقيقية ليست في انتمائه إلى رجل عظيم كداود (ع) ولا في سلطانه انما في عبوديته لله سبحانه. ولو لم يكن من أهل الايمان لما امتدحه في كتابه. فبه استطاع أن يتجاوز أكبر فتن الحياة ، وهي فتنة لسلطة فقد ملك (ع) ما لم يملكه أحد من الناس ولن يملكه من بعده ، ولكنه لم يغتر بزينة الدنيا ، انما تجاوزها وتوجه لله ، يتعبد ويضع نفسه في موقع المذنب ثم يتوب وهو المعصوم من الذنوب وانما يعظم ربّه عزّ وجل. وكيف يتكبر هؤلاء على ربهم وهم يعلمون بأن ما عندهم من فضله ، وأن طريق الاستزادة هو المزيد من التذلل له والتضرع اليه؟!
[٣١] وتجسيدا لاوبة سليمان وتعبده لله ، يعرض لنا القرآن صورة من حياته (ع).
(إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ)
وهي الخيول المروضة من أجودها ، وكانت يستعرضها سليمان كلما أراد الجهاد.
[٣٢] وفي ذات يوم استعرضها وربما لكثرتها بقي معها طويلا حتى غابت الشمس (أو كادت) وفاتته فضيلة صلاة العصر ، ولم يكن حينها وهو يعد العدة