يمنى؟ من الذي سوّانا فعدلنا؟
إنّ الربّ الذي جعل من النطفة المهينة إنسانا سويّا ، هو الذي يعزّ من يشاء ، ويذلّ من يريد ، ويتصل الحديث عن العزّة بالحديث عن البحرين هذا عذب فرات سائغ شرابه ، وهذا ملح أجاج ، ومع أنّهما لا يستويان ، إلّا أنّ الله يرزق العباد منهما جميعا بحيث يستخرجون لحما طريّا كما يستخدمونهما لمصلحة النقل فيهما عبر السفن.
وكل ذلك الحديث يربطه سبحانه بالليل والنهار : فمن يولج النهار في الليل ، ويولج الليل في النهار؟! أو ليس الله ، فلما ذا نطلب العزة عند غيره؟!
بينات من الآيات :
[٩] إنّ المؤمن يجعل الحياة مدرسة ، ويجول ببصره في أرجائها ليزداد وعيا وهدى ، ومن أكثر تجليّات الحياة روعة ساعة انبثاقها عند ما يأمر الله الرياح لتحمل السحب الثقيلة بالبركات الى موات الأرض حيث يحيط السكون بكلّ شيء فيحييها الرب بها.
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً)
الرياح تثير السحاب ، كما يثير الزارع الأرض للزرع ، فترسله كيفما يشاء الله.
(فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ)
وكلمة «فسقناه» تدل على أنّ ربنا هو الذي يدبّر الغيث فيرسله الى بلد ميت فيحييه ، وسقاية الغيث ليست فوضى انما هي خاضعة لعمل بني آدم ، فليس مطر سنة أقلّ من مطر سنة أخرى في بلد ، ولكن عمل البشر هو الذي يزيده أو ينقصه