من أعمال صالحة تتجسد ثمّة جنات وحور عين ، أو ذنوب تتجسد ثمّة نيرانا وحيّات.
(وَآثارَهُمْ)
فالصدقات الجارية ، والعلم الذي يهتدي به الناس ، والأولاد الصالحون ، هي الروافد المستمرة التي تنمّي حسنات المؤمن بعد موته ، بينما كتب الضلال ، وسنن الظلم والانحراف ، والتربية الفاسدة للأبناء ، تلا حق الفاسق حتى بعد وفاته.
هكذا روي عن النبي محمد (ص) :
«من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها ، من غير أن ينقص من أجر العامل شيء ، ومن سنّ سنة سيئة فعليه وزرها وزر من عمل بها» (٥)
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)
ما هو ذاك الإمام الذي أحصى الله كلّ شيء فيه؟ هل هو اللوح المحفوظ؟ أم طائر كلّ شخص الذي ألزمه الله في عنقه ، ويلقاه يوم القيامة منشورا؟ أم هو إمام الحق أو إمام الضلال اللذين يتبعهما الناس؟
لعل القرآن الحكيم يشير إلى كل ذلك وأكثر ، إذ أنّ كلمات القرآن لا تتحدد في إطار السياق فقط ، بل تتجاوزها لبيان حقائق الخليقة ، بلى. يكون ذكر هذه الحقيقة هنا وتلك هناك بمناسبة موضوعات السياق.
أمّا الحقيقة التي نستوحيها من الآية فهي : إنّ لكل شيء إماما تتمثّل فيه
__________________
(٥) تفسير الرازي / ج (٢٦) / ص (٤٦).