وكم هو عظيم ان يستجيب العبد المؤمن الى ربه بالصلاة على النبي (ص) لينتمي الى حزب الله الذي يضم الملائكة المقربين ، ولكن ليس كل صلاة تحقق له هذا الانتماء ، انما التي يتلفظها بلسانه ، عارفا بحدودها في عقله ، مسلمة لها نفسه ، خاضعة لها جوارحه ، فإذا سمع الخطيب يقول : قال رسول الله (ص) يجب ان يصلي عليه بلسانه ، ويستوعب الصلاة بمعرفته ، ويستعد لتطبيقها بنفسه ، ثم ينطلق من عنده للعمل وفقها وبما تقتضيه ، ومن الناحية النفسية الذي يدعو لآخر في غيابه فانه سيحبه حتى لو كانت بينهما عداوة ، ذلك ان الدعاء يلين جانب الداعي للطرف الآخر من جهة ، ومن جهة أخرى يشعر المدعو له بالميل ومن ثم المحبة ، حتى ولو لم يفعل شيئا غير الدعاء ، لأن للقلوب عليها شواهد ، ولأن النفوس جنود مجندة ، تتألف غيبيا كما تتألف شهوديا.
ونحن عند ما نصلي على رسول الله فان حبه واحترامه يسمو في قلوبنا إلى ان نصير محبين له ، مما يسهل علينا طاعته ، والتأسي به ، وقد قرأت في علم النفس : انه وبعد التجارب العديدة ثبت ان الحب أقوى عامل للطاعة ، وان الطفل ـ على سبيل المثال ـ أكثر ما يطيع أمه حبا لها ، لا خوفا منها ، وفي المقابل تقدّم الام لطفلها الحنان والعطف والتضحيات لأنها تحبّه.
(٥٧) ان الذي يبتعد عن رسول الله (ص) يبتعد عن رحمة الله وهؤلاء هم الذين يؤذون رسول الله ، سواء بالنيل من شخصيته أو بأذى ذريته أو بمخالفته أو ما أشبه.
وفي أكثر من مناسبة قرنت طاعة الله بطاعة رسوله ، وهنا نجد ان السياق يذكر أذى الله قبل أذى الرسول للتأكيد بأن الموقف من الرسول يحدد الموقف من رب العالمين ، فمن آذى الرسول فقد أذى الله.
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ