الخوف ، وأتاهم عدوّهم من فوقهم ، ومن أسفل منهم ، حتى ظنّ المؤمنون كل ظنّ ، وظهر النفاق من بعض المنافقين ، فأقام رسول الله (ص) واقام المشركون عليه بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم قتال إلا الرمي بالنبل ، إلا ان فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود ـ أخو بني عامر بن لوي ـ وعكرمة بن أبي جهل ، وضرار بن الخطاب ، وهبيرة بن أبي وهب ، ونوفل بن عبد الله ، قد تلبسوا للقتال ، وخرجوا على خيولهم. حتى مروا بمنازل بني كنانة ، فقالوا : تهيأوا للرحب يا بني كنانة ، فستعلمون اليوم من الفرسان ، ثم أقبلوا تعنق بهم خيولهم ، حتى وقفوا على الخندق ، فقالوا : والله ان هذه لمكيدة ، ما كانت العرب تكيدها ، ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق ، فضربوا خيولهم فاقتحموا ، فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع ، وخرج علي بن أبي طالب (ع) في نفر من المسلمين ، حتى أخذ عليهم الثغرة التي منها اقتحموا ، وأقبلت الفرسان نحوهم ، وكان عمرو بن عبد ود فارس قريش ، وكان قد قاتل يوم بدر حتى ارتثّ واثبته الجراح ، ولم يشهد أحدا ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده ، وكان يعد بألف فارس وكان يسمى فارس يليل ، لأنه اقبل في ركب من قريش ، حتى إذا كانوا بيليل ـ وهو واد قريب من بدر ـ عرضت لهم بنو بكر في عدد ، فقال لأصحابه : امضوا ، فمضوا ، فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من ان يصلوا اليه فعرف بذلك ، وكان اسم الموضع الذي حفر فيه الخندق المذاد وكان أول من طفره عمرو وأصحابه فقيل في ذلك :
عمرو بن عبد كان أوّل فارس |
|
جزع المذاد وكان فارس يليل |
وكان ينادي عمرو : من يبارز؟ فقام علي (ع) وهو مقنع في الحديد ، فقال : «أنا له يا نبي الله» فقال : «انه عمرو اجلس» ونادى عمرو : ألا رجل؟! وهو يؤنبهم ويقول : اين جنتكم التي تزعمون ان من قتل منكم دخلها! فقام علي (ع) فقال : «انا له يا رسول الله». ثم نادى الثالثة فقال :