رسول الله (ص) فقلت : أن عندنا طعيما لنا ، فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك فقال : «وكم هو؟» قلت : صاع من شعير ، وعناق ، فقال للمسلمين جميعا : قوموا إلى جابر ، فقاموا فلقيت من الحياء ما لا يعلمه الا الله ، فقلت : جاء بالخلق على صاع شعير وعناق ، فدخلت على المرأة ، وقلت : قد افتضحت ، جاءك رسول الله (ص) بالخلق أجمعين ، فقالت : هل كان سألك كم طعامك؟ قلت : نعم ، فقالت : الله ورسوله اعلم ، قد أخبرناه ما عندنا ، فكشفت عنّي غمّا شديدا ، فدخل رسول الله (ص) فقال : «خذي ودعيني من اللحم» فجعل رسول الله (ص) يثرد ويفرّق اللحم ، ثم يحمّ هذا ويحمّ هذا ، فما زال يقرّب الى الناس حتى شبعوا أجمعين ، ويعود التنور والقدر املأ ما كانا ، ثم قال : رسول الله (ص) : «كلي واهدي» فلم نزل نأكل ونهدي قومنا أجمع. أورده البخاري في الصحيح ، وعن البراء بن عازب قال : كان رسول الله (ص) ينقل معنا التراب يوم الأحزاب وقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول :
«اللهم لو لا أنت ما اهتدينا ، ولا تصدقنا ولا صلّينا ، فانزلن سكينة علينا ، وثبّت الأقدام ان لاقينا ، انّ الاولى قد بغوا علينا ، إذا أرادوا فتنة أبينا»
يرفع بها صوته ، ولمّا فرغ رسول الله (ص) من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بين الجرف والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة ، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد حتى نزلوا الى جانب أحد ، وخرج رسول الله (ص) والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم الى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فضرب هناك عسكره والخندق بينه وبين القوم ، وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام ، وخرج عدو الله حيي بن اخطب النضيري ، حتى أتى كعب بن أسد القرظي ـ صاحب بني قريظة ـ وكان قد وادع رسول الله (ص) على قومه ،