والمنافق هو الذي يعيش شخصيتين : شخصية الإنسان المؤمن الصادق ـ وهذه يظهرها ليستر بها شخصيته الحقيقة الثانية بما فيها من الأنانية والدجل ـ فاذا استوجبت الظروف تعرّض مصالحه للخطر ، ووجد الالتزام ولو ظاهريّا بالشخصية الإيجابية يعرضها للزوال ظهر على حقيقته.
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)
وهم المؤمنون الذين يحملون الحقد والحسد والاستكبار و.. و.. في قلوبهم ، فإن شأنهم شأن المنافقين ، لأن هذا المرض سوف يسبب لهم الانهيار والفرار في ساعة المواجهة ، فهم يلتقون مع المنافقين في خور عزيمتهم ، وطبيعة موقفهم من الشدائد ، والذي يتجسد في فرارهم وسلبيتهم في المجتمع بخلاف المؤمنين الصادقين ـ تماما ـ فبينما يقول أولئك : صدق الله ورسوله ، ويزدادون ايمانا واستقامة على الطريق ، يقول هؤلاء :
(ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)
ويستدلون على ذلك بان النصر لم ينزل عليهم.
(١٣) وثمة مجموعة من المشككين لا يكتفون بهزيمتهم إنما يشيعون جوّا من الهزيمة بهدف زلزلة عقائد الآخرين ، وهذه من طبيعة المنافقين.
(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا)
حينما تتعرض الامة للخطر فهي أحوج ما تكون الى الثقة بنفسها وبقيادتها وبربها ، وبالتالي فان الألسن والأقلام التي توهن المجتمع ، وتبث فيه روح الهزيمة لهي منافقة ، وعلى المجتمع أن لا يستجيب لها ، إنما يلتف حول قيادته الرسالية ،