في ساعة العسرة تأتي البشر مختلف التصورات حول ربّه ، وربما يكون الكثير منها سلبيا ، فاذا به وهو يقف في صف المؤمنين لمحاربة أعداء الرسالة يفقد الثقة بنصر ربه ، ويظن انه لن ينصره.
(١١) لكن الله يجعل الاحداث تتصعد وتتأزم ، وقد يؤخر النصر ، ويعرض المجتمع لأنواع الابتلاء ، وذلك تمحيصا للقلوب ، وفرزا للمجتمع ، فاذا به فريقان ، فريق المؤمنين وفريق المنافقين.
(هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ)
اما المؤمنون فقد كان الأمر بالنسبة إليهم امتحانا ـ أظهر ما يضمرونه في قلوبهم على ألسنتهم ـ كما تسببت شدته ، في ذهاب الصفات التي لحقت بهم ، والتي ليست من طبيعة الشخصية المؤمنة ، فاذا به يزيدهم ايمانا وصفاء.
(وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً)
ويحتمل هذا الشطر أحد تفسيرين : فاما يكون وصفا لطبيعة الامتحان بأنه من الصعوبة يشبه الزلزال الشديد ، وإما يكون حديثا عن نتيجة الامتحان ، فيصير المعنى ان المؤمنين اهتزت مواقفهم وتأثروا ، فيحمل تفسير الآيتين (٢٢ ـ ٢٣) مضافا لهذه الآية : ان المؤمنين صاروا فرقتين ، فرقة تأثرت بالامتحان سلبا في بادئ الأمر ، فاكتشفت ضعفها وجبرته ، وفرقة ما زادهم إلّا ايمانا وتسليما.
(١٢) اما المنافقون فقد افتضح أمرهم ، وبرزوا على حقيقتهم أمام القيادة الرسالية يومذاك وأمام المجتمع ، ولعل هذا الفرز من أهم أهداف وفوائد الأزمات التي يتعرض لها البشر في حياتهم.