القانع» (٣)
ولعل الحكمة في ذلك أن الشكر يزيد في الإيمان بالله ، وبأنه المتفضل المنّان ، ويمنع عن صاحبه الغرور ، ويدفعه نحو الالتزام بواجبات النعمة.
هذا عن ثواب الله أما عن سعادة القلب فان أعظم ما في النعم تحقيق طموحات النفس ، أما لذة الجسد فانها تتلاشى بسرعة وهي لا تمنح البشر سعادة. أرأيت لو حكم بالإعدام على شخص ثم أوتي أفضل أنواع الطعام ، وهيئت له اللذة الجنسية مع أجمل بنات العالم ، فهل يهنئ بذلك؟! كلا ..
كذلك لو كان القلق النفسي يؤرق الفرد لا يهنئ بلذة جسدية مهما كانت عارمة ومتنوعة ، ذلك أن المهم هو سعادة القلب ورضاه.
فمن كان ينتظر مليون دولار ربحا إذا حصل على نصف مليون تراه آسفا ، أما إذا لم ينتظر شخص ربحا فربح نصف دولار فانه يعيش الفرح ، كذلك لو تمنى شخص الرئاسة في بلد فقدر له منصب نائب الرئيس لم يتحسس بالسعادة بقدر من لم يطمع في منصب صغير فحصل عليه.
وهكذا الشاكر لأنعم الله يتحسس بالنعم ، ويعرف أنه لم يكن يستحقها إلا بفضل الله ، فهو كمن لا ينتظر اي مكسب بل ينتظر خسارة فيأتيه الربح ، كأنك تراه يسعد به أنّى كان ضئيلا.
دعنا نقرأ حديثين يؤكدان هذه الفكرة الهامّة التي اعتبرها مفتاحا هامّا للإحساس بالسعادة دائما.
__________________
(٣) المصدر / ص (٤١).