بلى. ان جهلهم الذاتي ، وظلمهم ، وتراكم العقد النفسية على قلوبهم هو مصدر التناقض بين اعترافهم بالخالق وبين عدم شكرهم له.
(٢٦) لان الله هو الخالق فهو المالك ومن هو أعظم ملكا ممن خلق ولا يزال يتصرف في خلقه بما يشاء ، دون أن يسأله أحد عما يفعل.
(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
فهو المالك الحق ، أما الناس فإنهم إنما يملكون الشيء بقدر تمليكه وفي حدود منحهم صلاحية التصرف تكوينا وتشريعا.
(إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
ومن الناس من يملك ـ بحول الله وقوته ـ ملكية محدودة فيسيء التصرف فيه فهو غني غير حميد ، بينما الله حميد في غناه لأنه يفعل الخير وما يستوجب الحمد والشكر.
والملاحظ : ان خاتمة الآية تكريس لفكرتها ، كما أن فاتحتها شاهدة على خاتمتها. فان من يملك السموات والأرض هو الغني لأنه المالك لهما ، وهو الحميد لأن كل النعم مصدرها السموات والأرض ظاهرا ، فلنحمد خالقهما بدل ان نحمد من يملك جزء منهما.
(٢٧) وربنا العزيز المقتدر ، لأنه السلطان القاهر فوق عباده ، المهيمن على حركة السموات والأرض ، والقائم بنظامهما ، وتصدر كلماته النافذة (كن فيكون) بما لا تحصى عددا في كل ساعة ولحظة ويهبط قضاءه الحتم في كل حدث صغير أو كبير ، حتى الورقة الواحدة التي تسقط في غابة كثيفة أيام الخريف انما