فلما ذا نفتش عن غيره؟! وما دام ربنا قويا قاهرا فلما ذا نخدع أنفسنا بالالتجاء الى الضعفاء من عباده؟! نقرأ في دعاء عرفة للإمام الحسين عليه السلام : [ما ذا وجد من فقدك ، وما الذي فقد من وجدك. لقد خاب من رضي دونك بدلا ، ولقد خسر من بغى عنك متحولا. كيف يرجى سواك ، وأنت ما قطعت الإحسان. وكيف يطلب من غيرك ، وأنت ما بدّلت عادة الامتنان]. (١)
(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ)
تلك الآلهة لا تستطيع أن تنصر نفسها فكيف تنصر غيرها.
(وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ)
لا نعتبرهم أصحابا ، لا نعطيهم القوة ، ولا هم يمتلكون القوة الذاتية.
[٤٤] (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ)
إنّ السبب الذي يريد في نسيان هؤلاء هو استمرار النعم عليهم ، لذلك تراهم مع مرور الزمن وتطاول السنين يتزايد غرورهم ، ومع تزايد الغرور تتزايد النقم التي تأتي مع النعم ، في سلسلة متوازية.
(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ)
في كلّ يوم يهلك الكثير من المجتمعات بسبب أعمالهم الفاسدة ، ولأن جزاءهم قد آن أوانه ، فلما ذا لا نعتبر؟! وهنا يوجّهنا القرآن الحكيم الى نوعين من الاعتبار :
١ ـ الاعتبار بمن مضى من الأمم.
__________________
(١) مفاتيح الجنان / ص ٢٧٣.