طبيعتها وتركيبها.
ولقد كشفت لنا الفيزياء الذرية عن هذه الحقيقة ، بسلسلة من التجارب العملية ، حتى لم يعد يحيط بها غموض ، وقبل ذلك أشارت إليها جملة من الآيات القرآنية ، منها «خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» ويبدو من الآية إنّ الله جلّ شأنه جعل الزمن جزء من الخليقة حيث مرت بعدة مراحل الى أن أخذت شكلها النهائي.
وهكذا فالإنسان يحسّ بالزمن لأنه عنصر أساسي في خلقته الطينية المادية ، ولولا روح الإنسان وقيم الرسالات الالهية التي تبلور هذه الروح وتعطيها خصائص عالية ، لكان الإنسان يعيش لحظته وحدها ، ولما كان يتطلع الى المستقبل أو يرى الآفاق البعيدة للحياة.
وهكذا يريد القرآن أن يخبرنا بأن هذه الطبيعة البشرية التي يشكل الزمن جزء منها ، هي التي تدعو الإنسان الى اللامسؤولية ، لأنه يعيش بطبيعته لحظته وحدها ، وبالتالي يعجز عن إدراك حتمية الجزاء ، الذي يتطلب مقدارا معينا من الزمن ، لكي يتحقق ويأخذ مجراه.
إنّه ينتظر جزاء عاجلا وقريبا لأعماله ، فاذا تأخر عنه فترة ، قد تطول أو تقصر ، قال : لا جزاء ، وطبيعي إن من ينكر الجزاء ينكر المسؤولية كذلك. مثلا إذا ظلمت السلطة شعبها فثار بعد عشرين عاما ، لا يقول رجالها : إنّ هذه الثورة انفجرت بسبب ذلك الظلم ، ولا يرون أيضا ذلك الظلم ، ولا يرون أيضا ذلك الارتباط الوثيق بين الأمرين ، بل إنهم يأخذون بالبحث والتفتيش عن أية علّة ليقولوا : إنّ الثورة جاءت من الخارج ، في حين إنّ العلة الحقيقية تكمن في الداخل ، وبالذات في جهاز الحكم