اما العقوبة فهي عند الله وأنتم تستعجلونها ، والله هو الذي يحكم بها لأنه يقصّ سبحانه الحق ، ويعلم لمن هو.
(ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ)
ان الله يقص الحق ربما معناه : ان الله سبحانه يقسّم الحق الكلي العام على أقسام الحياة ، أو الموضوعات الخاصة المنفصلة عن بعضها ، والله سبحانه (خير الفاصلين) ربما معناه أن الله خير من يقضي لتطبيق الحق على الشخص المعين.
ولنضرب مثلا يقرب الى أذهاننا معنى الآية فالحق الكلي مثلا هو أن العدالة قيمة صحيحة ولكننا بحاجة الى قصّ هذا الحق ، وذلك بتقسيمه الى مختلف الموضوعات. مثل أن العدالة تقتضي إنزال العقوبة على من يظلم صاحبه ، ولكن من الذي ظلم صاحبه؟ هذا الأمر بحاجة الى فصل (يسمى بالقضاء) والله هو الذي يفصل ويحدد بالضبط من الذي ظلم ، ومن الذي وقع عليه الظلم.
[٥٨] إذا فالله هو الذي يملك العقوبة ، ويعلم الحكم ، وهو خير من يقضي ، أما الرسول فهو بشر لو لم يكن رسولا من الله ، وكان يملك العقوبات التي يهدد بها الأعداء. إذا كان يستخدمها عمليا في دحر الأعداء.
وهو حين لا يفعل فان ذلك يدل على أنه رسول متصل بالله ، وأنه لا يقول ولا يعمل شيئا إلّا بأذنه ، بل هو لا يملك شيئا من دون الله سبحانه.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ)
فهو الذي يقضي بين العباد ويعاقب المتجاوزين على القانون ولست انا.