ولدا؟! وهكذا كانت القضية غيبية ، متصلة بإرادة الله ، ولم تكن طبيعية مرتبطة بسموّ مريم الى درجة الالوهية ، أو سمو عيسى الى هذه الدرجة. وإلّا فان العملية لم تكن عجيبة بالنسبة الى «مريم» نفسها.
انما كانت خلقة الله لعيسى تماما كخلقته لكلّ شيء في الكون ، لم يكن ، ثم كان بإرادة الله ، وبكلمته لها (كن) ، فهل صحيح ان نقول ان الله ولد الأشياء لمجرد انها لم تكن ، ثم كانت؟! كذلك غير صحيح أن نتصور عيسى ابنا لله ، لمجرد انه ولد بصورة غير طبيعية.
[٤٨] وعيسى لم يكن إلها ، بل بشرا علمه الله الأسماء ، ولو كان ذا طبيعة الهية ، إذا لما احتاج الى تعليم الله له لأن من يتصف بالألوهية يعلم الأشياء ذاتيا ، أما عيسى فقد أعطاه الله من علمه بقدر ما شاء.
(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ)
لعلّ الكتاب هو الدستور الثابت المتصل بالرؤى العامة في الحياة. أما الحكمة فهي التشريعات العملية الخاصة ذات الصبغة التطورية والكتاب كان يتمثل في التوراة ، أمّا الحكمة فكانت موجودة في الإنجيل.
[٤٩] وبعد ان علّمه الله الكتاب والحكمة ، اختاره نبيا ، وأعطاه صفة الرسالة عطاء ، دون أن يمتلكها ذاتيا ، كما يمتلك أحدنا مثلا عينه.
(وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)
وليست الآية مني بل من الله وانا واسطة نقل فحسب ، وهكذا لم تكن معاجز «عيسى» دليلا على انه ابن الله ، إذ كانت تلك المعاجز ـ في الواقع من الله ـ وإنّما ظهرت على يد عيسى ، كما ان العين مثلا آية عظيمة من آيات الله ، ولكنها