بحيث ، وقبل ، وبعد ، فإنك قائل فى رفعه : هذه حيث ، وجاءتنى قبل ، وعندى بعد. فالضمّة الآن إعراب ، وقد كانت فى هذه الأسماء قبل التسمية بها بناء.
وكذلك لو سميتها بأين ، وكيف ، فقلت : رأيت أين ، وكلّمت كيف ، لكانت هذه الفتحة إعرابا ، بعد ما كانت قبل التسمية فى أين وكيف بناء. وكذلك لو سمّيت رجلا بأمس ، وجير ، لقلت مررت بأمس وجير ، فكانت هذه الكسرة إعرابا ، بعد ما كانت قبل التسمية بناء. وهذا واضح. فإن سمّيته بهؤلاء ، فقلت (فى الجرّ) : مررت بهؤلاء ، كانت كسرة الهمزة بعد التسمية به ، هى (الكسرة قبل) التسمية به.
وخالف (هؤلاء) باب أمس وجير ، وذلك أن (هؤلاء) ممّا يجب بناؤه ، وحكايته بعد التسمية به على ما كان من قبل التسمية ؛ ألا ترى أنه اسم ضمّ إليه حرف ، فأشبه الجملة ؛ كرجل سمّيته بلعلّ ؛ فإنك تحكى الاسم ؛ لأنه حرف ضمّ إليه حرف ، وهو (علّ) ضمّت إليه اللام ؛ كما أنك لو سمّيته بأنت لحكيته أيضا فقلت : رأيت أنت ، ولعلّ ، فكانت الفتحة فى التاء بعد التسمية به هى التى كانت فيه قبلها ، لكنك إن سمّيته بأولاء أعربته فقلت : هذا أولاء ، ورأيت أولاء ، ومررت بأولاء ، فكانت الكسرة الآن فيه إعرابا لا غير ؛ لأن أولاء اسم مفرد مثاله فعال ؛ كغراب وعقاب.
ومن الحركات فى هذا الباب أن ترخّم اسم رجل يسمى منصورا ، فتقول على لغة من قال يا حار : يا منص ، ومن قال يا حار قال كذلك أيضا بضمّ الصاد فى الموضعين جميعا. أمّا على يا حار فلأنك حذفت الواو وأقررت الضمّة بحالها ؛ كما أنك لمّا حذفت الثاء أقررت الكسرة بحالها. وأمّا على يا حار فلأنك حذفت الواو والضمة قبلها ؛ كما أنك فى يا حار حذفت الثاء والكسرة قبلها ، ثم اجتلبت ضمّة النداء فقلت : يا منص. فاللفظان كما ترى واحد ، والمعنيان مختلفان.
وكذلك إن سمّيته بيرثن ، وثرتم ، ويعقوب (١) ، ويربوع ، ويعسوب.
ومثل ذلك قول العرب فى جمع الفلك : الفلك ؛ كسّروا فعلا على فعل ، من حيث كانت فعل تعاقب فعلا على المعنى الواحد ؛ نحو الشغل ، والشغل ،
__________________
(١) يعقوب : يريد به ذكر الحجل ، وهو عربى فأما يعقوب أبو يوسف عليهماالسلام فهو أعجمى ، والحكم فيهما من جهة الترخيم واحد.