ثالثا : مصطلحات الخليل
لم يكن الخليل بن أحمد أول من تكلم في النحو وبسط آراءه في قضاياه واستخدم مصطلحاته الكثيرة ، فقد سبقه من تحدث في النحو وتكلم في مسائله ، وربما من وضع مؤلفا ضاع مع ما ضاع من التراث العربي ، بدءا من الإمام علي بن أبي طالب الذي أشيع عنه أنه وضع مقدمة في النحو أخذها عنه أبو الأسود الدؤلي (١) ـ كما قيل ـ ثم بدأ في تأصيل النحو العربي ، وربما اشترك معه عبد الرحمن بن هرمز ونصر بن عاصم (٢) وهم من تلاميذه ، ومرورا ببقية تلاميذ أبي الأسود مثل ابنه عطاء وميمون الأقرن وعنبسة الفيل ويحيى بن يعمر ، ثم جاء عبد الله بن اسحاق وطبقته من أمثال عيسى بن عمر الثقفي وأبي عمرو بن العلاء ، ثم جاء الخليل بن أحمد بعد كل هؤلاء فاهما واعيا كل ما قيل من قبله وكل ما طرح من قضايا النحو العربي.
جاء الخليل مع طبقته وتلاميذه من أمثال يونس بن حبيب والأصمعي وسيبويه والنضر بن شميل وأبي مفيد مؤرج بن عمرو السدوسي ، وعلي بن نضر بن علي الجهضمي ليخطو بالنحو خطوات واسعة متنامية إلى التطور وتأصيل مصطلحاته وتأسيس قضاياه والوصول به إلى مرحلة النضج والاكتمال.
وكان الخليل على رأس من قدّم لنحو العربية هذه الدفعة القوية بتعليلاته وآرائه ، وأيضا من جعل للنحو البصري ملامح خاصة ومنهجا محددا متضح المعالم ، وبالتالي شيوع المصطلحات النحوية الدقيقة التي ما زالت تستخدم حتى الآن على ألسنة المعلمين والدارسين ، لعل استخدامه المصطلحات من خلال المنظومة ومقولاته وشروحاته الشفوية لتلاميذه وأيضا من خلال كتابه «الجمل» ، هو الذي لفت نظر تلميذه
__________________
(١) انباه الرواة للقفطي ١ / ٥.
(٢) طبقات النحويين واللغويين للزبيدي ص ٢.