حين تتجه الكتابة صوب الخليل بن أحمد عبقري العربية ورائد الدراسات اللغوية في ثقافتنا العربية قربا أو بعدا فإن قيمة سامقة تقدم للتراث اللغوي ، فالخليل مؤسسة متكاملة من المعارف أحكم أمرها من خلال اكتمال نظريته المعرفية فرضا واستعمالا ، فالعروض لديه بدا نظرية إيقاعية يخرج منها ويأتي إليها كل جهد شدا به المفكرون والدارسون حتى اليوم ، والمعجم العربي لديه هيكل لبناء لغوي حوى الشارد والوارد ، والواقعي والمتخيل ، فقد جاء بناء تجريديا واقعيا بإمكانه أن يحكم لغات الأمم لا العربية وحدها ، وإن كانت صلاحيته للعربية صلاحية ذوق وعرف واستعمال ، كذلك الأصوات تخرج من عبّ هذا الرجل في وضوح علمي يؤكد التجريب ويحكم الوصف بصدقه ودقته.
لم يقف باع الخليل عند هذه الحدود اللغوية التي أصبح رائدا ومؤسسا لها ، وإنما تجلت خطواته الراسخة في مسار النحو محكمة قواعد وأصولا) والقارئ لتراثنا النحويّ منذ أن تتلمذ على يديه سيبويه حتى الآن يدرك صدق ذلك.
عاش الخليل بعبقريته حيا في فكر تابعيه ومن خط خطّا في الدرس اللغويّ ، ومن ثم أضحت أفكاره مؤكدة ثابتة النسبة إليه دون غموض أو التواء ، بمعنى آخر أضحى الخليل محورا لكل حركة لغوية جاءت بعده إلى الحد الذي ما عاد في جعبة الدارسين ما هو خفي غامض بالنسبة إلى الخليل.
في ظل هذا الظهور يطلع علينا الدكتور أحمد عفيفي وهو لغوي أديب بهذا الكتاب للخليل بن احمد الفراهيدي موثقا إياه تحت عنوان (المنظومة النحوية للخليل بن أحمد الفراهيدي (١)» يثبت للباحث اللغويّ أن هناك أعمالا للخليل في طي المجهول بحاجة إلى بعث وإظهار. والمنظومة التي قدمها الدكتور أحمد تظهر جانبا تعليميا من جوانب الخليل ، وما أعجب أن يتحرك الخليل بين طاقتين :
__________________
(*) اقتراح لجنة التحقيق بحذف كلمة (المنسوبة).