اختلاف بين وجودين إطلاقا ، فلا معنى لوجود التعدّد!! (دقق جيدا).
ونظير هذا البحث ورد في الآية (٢٢) من سورة الأنبياء حيث قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا). ومنعا للالتباس ينبغي أن نقول : هناك اختلاف بين الدليلين بالرغم من التشابه بينهما :
الأوّل يدلّ على فساد العالم ونظام الوجود بسبب تعدّد الآلهة.
أمّا الثّاني فيتحدّث ـ بغض النظر عن النظم في عالم الوجود ـ عن حالة التنازع والتمانع التي سوف تقوم بين الآلهة المتعدّدة. (سوف نبحث هذه الأمور مفصلا أثناء تفسير الآية (٢٢) من سورة الأنبياء).
وبما أنّ كلام المشركين وعباراتهم توحي بأنّهم نزلوا في إدراكهم لله عزوجل إلى مستوى أن يكون طرفا للنزاع ، لذا فإنّ الآية تقول بعد ذلك مباشرة : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً).
في الواقع إنّ هذا التعبير القرآني القصير ، يوضح ـ من خلال أربعة تعابير ـ علو الكبرياء الإلهية ونزاهتها عن مثل هذه التخيلات ، إذ تقول :
١ ـ استخدام كلمة (سُبْحانَهُ) بمعنى التنزيه للذات الإلهية.
٢ ـ ثمّ تعبير (وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ).
٣ ـ ثمّ استخدام (عُلُوًّا) وهي مفعول مطلق يفيد التأكيد.
٤ ـ أخيرا ، جاءت كلمة (كَبِيراً) للتأكيد مجددا على معاني التنزيه والعلو.
وبعد ذلك فإنّ جملة (عَمَّا يَقُولُونَ) لها معنى واسع حيث أنّها تنفي كل أشكال التهم الباطلة ولوازمها.
ثمّ لأجل إثبات عظمة الخالق وأنّه منزّه عن خيالات واعتقادات وأوهام المشركين ، تتحدث الآية التالية عن تسبيح كائنات الوجود لذاته المقدسة إذ تقول : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ). ثمّ تتطرق الآية إلى أنّ التسبيح لا يقتصر على ما هو موجود في السماوات والأرض ، وإنّما ليس هناك