ففي رواية نقرأ أنّه جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسأله قائلا : أحبّ أن يستجاب دعائي.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «طهّر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام» (١).
ثانيا : التقية البنّاءة
نستفيد من تعبير الآيات أعلاه أنّ أصحاب الكهف كانوا يصرّون على أن لا يعرف أحد مكانهم حتى لا يجبرون على عبادة الأصنام ، أو يقتلون بأفجع طريقة من خلال رميهم بالحجارة. إنّهم كانوا يرغبون في أن يبقوا غير معروفين حتى يستطيعوا بهذا الأسلوب الاحتفاظ بقوّتهم للصراع المقبل ، أو على الأقل حتى يستطيعوا أن يحتفظوا بإيمانهم.
وهذا المعنى تعبير عن أحد أقسام «التقية البنّاءة» حيث أنّ حقيقة التقية هو أن يحفظ الإنسان طاقته من الهدر بإخفاء نفسه أو عقيدته. يحفظ نفسه ويصونها حتى يستطيع ـ في مواقع الضرورة ـ الاستمرار في جهاده المؤثّر. وطبيعي عند ما تكون التقية وإخفاء العقيدة سببا لتصدّع الأهداف والبرنامج الكبرى ، فإنّها تكون ممنوعة وينبغي الجهر بالحق والصدع به بالغا ما بلغ الضرر.
ثالثا : اللطف مركز القرآن
إنّ قوله تعالى : (لْيَتَلَطَّفْ) ـ كما هو مشهور ـ هي نقطة الفصل بين نصفي القرآن من حيث عدد الكلمات. وهذا بنفسه يشير إلى معنى لطيف للغاية ، لأنّ الكلمة مشتقّة من اللطف ، واللطافة والتي تعني هنا الدقة. بمعنى أنّ المرسل لتهيئة الطعام عليه أن يذهب ويرجع بحيث لا يشعر أحد بقصتهم.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، المجلد الرابع ، أبواب الدعاء ، باب (٦٧) الحديث الرابع. ولمزيد من التوضيح يمكن مراجعة تفسير الآية (١٨٦) من سورة البقرة.