ثمّ تقسم الآية الناس يوم القيامة إلى قسمين : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (١). أمّا القسم الآخر فهو : من كان في الدنيا أعمى القلب :(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى). وطبيعي أن يكون هؤلاء العميان القلب أضل من جميع المخلوقات (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) فهؤلاء لا يوفقون في هذه الدنيا لسلوك طريق الهداية ، ولا هم في الآخرة من أصحاب الجنّة والسعادة ، لأنّهم أغمضوا عيونهم عن جميع الحقائق وحرّموا أنفسهم من رؤية الحق وآيات الله وكل ما يؤدي إلى هدايتهم ، ويقود إلى خلاصهم من المواهب العظيمة التي أعطاهم الله إيّاها ، ولأنّ الآخرة هي صورة منعكسة لوجود الإنسان في هذه الدنيا ، إذن ليس ثمّة من عجب في أن يحشر هؤلاء العميان بنفس الصورة في يوم الحشر والقيامة.
* * *
بحوث
١ ـ دور القيادة في حياة البشر
الحياة الاجتماعية للبشر في الدنيا لا يمكن أن تنفصل عن القيادة أو أن تستغني عنها، لأنّ تحديد مسير مجموعة معينة يحتاج دائما إلى قيادة ، وعادة لا يمكن سلوك طريق التكامل بدون وجود قيادة ، وهذا هو سر إرسال الأنبياء وانتخاب الأوصياء لهم.
وفي علوم العقائد والكلام ، يستفاد أيضا من (قاعدة اللطف) في إثبات لزوم بعث الأنبياء ولزوم وجود الإمام في كل زمان ، وذلك لأهمية دور القائد في تنظيم المجتمع ، ومنع الانحرافات ، وبنفس المقدار الذي يقوم به القائد الإلهي والعالم
__________________
(١) (فتيل) تعني الخيط الرقيق الموجود في شق نوى التمر ، وفي المقابل فإن (نقير) تعني مؤخرة نوى التمر ، بينما تعني (قطمير) الطبقة الرقيقة التي تغطي نوى التمر. وكل هذه التعابير كناية عن الشيء الصغير جدّا والحقير.