يتعامل مع كل مجموعة بما يناسب حياتها الخاصّة ، وبذلك كان الجميع منضوين تحت لوائه.
٦ ـ إنّ «ذو القرنين» لم يستعبد حتى تلك المجموعة التي لم تكن تفهم الكلام ، أو كما وصفهم القرآن : (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) بل إنّه استمع إلى مشاكلهم ، ودأب على رفع احتياجاتهم بأي أسلوب كان ، وبنى لهم سدا محكما بينهم وبين أعدائهم اللدودين (يأجوج ومأجوج) وقد قام بإنجاز أمورهم بدون أن يفرّق بينهم (رغم أنّه كان يظهر أنّ مثل هؤلاء الناس عديمي الفهم لا ينفعون الحكومة بأي شيء).
وفي حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام نقرأ قوله : إسماع الأصم من غير تصعرّ صدقة هنيئة» (١).
٧ ـ الأمن هو أوّل وأهم شرط من شروط الحياة الاجتماعية السالمة ، لهذا السبب تحمّل «ذو القرنين» أصعب الأعمال وأشقها لتأمين أمن القوم من أعدائهم ، وقد استفاد من أقوى السدود وأمنعها الذي أصبح مضرب الأمثال في التأريخ ورمزا للاستحكام والدوام والبقاء ، حيث يقال لبناء القوي «إنّه مثل سدّ الإسكندر» بالرغم من أن «ذو القرنين» غير الإسكندر.
وعادة لا يسعد المجتمع من دون قطع الطريق على المفسدين ، ولهذا فإنّ أوّل شيء طلبه إبراهيم عليهالسلام عند بناء الكعبة هو الأمن : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (٢).
ولهذا السبب أيضا فإنّ الفقه الإسلامي وضع أقسى العقوبات للذين يعرضون أمن المجتمع إلى الخطر (راجع في ذلك تفسير الآية (٣٣) من سورة المائدة).
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، مادة «صمم».
(٢) سورة إبراهيم ، ٣٥.