نسبية» ، كما لو ساعد مؤمن واسع الثراء فقيرا لإنقاذه من مخالب الفقر بمبلغ تافه ، فإنّه ليس من شك في أنّ هذه المعونة المالية مهما كانت صغيرة وحقيرة لا تكون فعلا حراما ، بل هي أمر مستحب ، ولكن كل من يسمع بها يذم ذلك الغني حتى كأنّه ارتكب معصية واقترف ذنبا ، وذلك لأنّه يتوقّع من مثل هذا الغني المؤمن أن يقوم بمساعدة أكبر.
وانطلاقا من هذه القاعدة وعلى هذا الأساس تقاس الأعمال التي تصدر من الشخصيات الكبيرة بمكانتهم وشأنهم الممتاز ، وربّما يطلق على ذلك العمل ـ مع مقايسته بذلك ـ لفظ «العصيان» و «الذنب».
فالصّلاة التي يقوم بها فرد عادي قد تعتبر صلاة ممتازة ، ولكنّها تعدّ معصية إذا صدر مثلها من أولياء الله ، لأن لحظة واحدة من الغفلة في حال العبادة لا تناسب مقامهم ولا تليق بشأنهم. بل نظرا لعلمهم وتقواهم ومنزلتهم القريبة يجب أن يكونوا حال عبادة الله تعالى مستغرقين في صفات الله الجمالية والجلالية ، وغارقين في التوجه إلى عظمته وحضرته.
وهكذا الحال في سائر أعمالهم ، فإنّها على غرار عباداتهم ، يجب أن تقاس بمنازلهم وشؤونهم ، ولهذا إذا صدر منهم «ترك الأولى» عوتبوا من جانب الله ، والمراد من ترك الأولى ، هو أن يترك الإنسان فعل ما هو الأفضل ، ويعمد إلى عمل جيد أو مستحبّ أدنى منه في الفضل.
فإنّنا نقرأ في الأحاديث الإسلامية أن ما أصيب به يعقوب من محنة فراق ولده يوسف ، كان لأجل غفلته عن إطعام فقير صائم وقف على باب بيته عند غروب الشمس يطلب طعاما ، فغفل يعقوب عن إطعامه ، فعاد ذلك الفقير جائعا منكسرا خائبا.
فلو أنّ هذا الصنيع صدر من إنسان عادي من عامّة الناس لما حظي بمثل هذه الأهمية والخطورة ، ولكن يعدّ صدوره من نبيّ إلهيّ كبير ، ومن قائد أمّة أمرا