العالم وصدر الأمر بحكومته على جميع الموجودات من جانب الله تعالى ، لا يجوز أن يسمح لنفسه بالسقوط إلى درجة السجود للجمادات.
ثمّ أشار سبحانه إلى اختلاف المواهب والاستعدادات في المواهب البدنية والروحية لدى البشر ، والهدف من هذا الاختلاف والتفاوت ، فيقول : (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) من المواهب المتنوعة والمتفاوتة ويختبركم بها.
ثمّ تشير في خاتمة الآية الحاضرة إلى حرية الإنسان في إختيار طريق السعادة وطريق الشقاء نتيجة هذه الاختبارات والابتلاءات ، إذ يقول : (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ، فإنّ ربّك سريع العقاب مع الذين يفشلون في هذا الاختبار ، وغفور رحيم للذين ينجحون فيه ويسعون لإصلاح أخطائهم.
التفاوت بين أفراد البشر ومبدأ العدالة :
لا شك أنّ بين أفراد البشر طائفة من الاختلافات والفوارق المصطنعة ، التي هي نتيجة المظالم التي يمارسها بعض أفراد البشر ضد الآخرين ، فهناك مثلا جماعة يمتلكون ثروات هائلة ، وجماعات أخرى تعاني من الفقر المدقع ، جماعة يعانون من الجهل والأمية بسبب عدم توفّر مستلزمات الدراسة ، وجماعة أخرى تبلغ المراتب العليا في الثقافة والعلم بسبب توفّر كلّ الوسائل اللازمة للتحصيل والدراسة.
جماعة يعانون من المرض والعلّة بسبب سوء التغذية وندرة الوسائل الصحيّة ، في حين يحظى أفراد معدودون بقدر كبير من السلامة والعافية ، بسبب توفر جميع الإمكانيات.
إنّ مثل هذه الفوارق والاختلافات : الثروة والفقر ، والعلم والجهل ، والسلامة المرض ، هي في الأغلب وليدة الاستعمار والاستثمار ، وهي مظاهر مختلفة