الحياة الأبديّة وتحشر معه.
لقد استعمل مثل هذا التعبير في الآيات القرآنية الأخرى بهذا المعنى أيضا ... ففي الآية (٣٣) من سورة (ق) نقرأ قوله تعالى : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) إنّ الجنّة لمن آمن بالله عن طريق الإيمان بالغيب ، وخافه وأتى إلى ساحة القيامة بقلب تائب مملوء بالإحساس بالمسؤولية.
٢ ـ أجر الحسنة ، عشرة أضعاف
نقرأ في الآية الحاضرة أن الحسنة يثاب عليها بعشرة أضعافها ، بينما يستفاد من بعض الآيات القرآنية أنه اقتصر على عبارة (أَضْعافاً كَثِيرَةً) من دون ذكر عدد الأضعاف (كما في الآية ٢٤٥ من سورة البقرة) وفي بعض الآيات بلغ ثواب بعض الأعمال مثل الإنفاق إلى سبعمائة ضعف (كما في الآية ٢٦١ من سورة البقرة) بل ربّما إلى أكثر من ذلك مثل قوله : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١).
إنّ من الواضح أنه لا تناقض بين هذه الآيات أبدا ، إذ إنّ أقل ما يعطى للمحسنين هو عشرة أضعاف الحسنة ، وهكذا يتصاعد حجم الثواب مع تعاظم أهمية العمل والحسنة ، ومع تعاظم درجة الإخلاص ، ومع ازدياد مقدار السعي والجهد والمبذول في سبيل العمل الصالح ، حتى يصل الأمر إلى أن تتحطم الحدود والمقادير ، ولا يعلم حدّ الثواب ومقداره إلّا الله تعالى.
فمثلا الإنفاق الذي يحظى بأهمية بالغة في الإسلام يتجاوز مقدار ثوابه الحدّ المتعارف للعمل الصالح الذي هو عشرة أضعاف الحسنة ، ويصل إلى «الأضعاف الكثيرة» أو «سبعمائة ضعف» وربّما أكثر من ذلك.
والاستقامة التي هي أساس جميع النجاحات والسعادات ، ولا تبقى عقيدة
__________________
(١) الزمر ، ١٠.