الآية
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠))
التّفسير
تعقيبا على الآيات السابقة التي تحدثت عن بعض الأحكام التافهة والتقاليد القبيحة في عصر الجاهلية الشائن ، كقتل الأبناء قربانا للأصنام ، ووأد البنات خشية العار ، وتحريم بعض نعم الله الحلال ، تدين هذه الآية كل تلك الأعمال بشدة ، في سبعة تعبيرات وفي جمل قصيرة نافذة توضح حالهم.
ففي البداية تقول : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، فعملهم وصف هنا بأنّه خسران بالمنظار الإنساني والأخلاقي ، وبالمناظر العاطفي والاجتماعي ، والخسارة الكبرى هي الخسارة المعنوية في العالم الآخر. فهذه الآية تعتبر عملهم أوّلا «خسرانا» ثمّ «سفاهة» وخفة عقل ، ثمّ «جهلا» وكل صفة من هذه الصفات الثلاث كافية لإظهار قبح أعمالهم ، فأي عقل يجيز للأب أن يقتل أولاده بيده؟ أو ليس هذا من السفاهة وخفة العقل أن يفعل هذا ثمّ لا يخجل من فعلته ، بل يعتبرها نوعا من الفخر والعبادة؟ أي علم يجيز للإنسان أن يعتبر هذه الأعمال قانونا اجتماعيا؟