بني أمية.
على أنّ المفسّرين أبدوا احتمالات متعددة أخرى حول الشجرة الممنوعة ، ولكن ما قلناه هو الأبين والأظهر من الجميع.
ولكن النقطة التي يجب أن نذكّر بها هنا ، هي أنه وصفت الشجرة الممنوعة في التّوراة المختلفة ـ المعترف بها اليوم من قبل جميع مسيحيي العالم ويهودييه ـ بشجرة العلم والمعرفة وشجرة الحياة (١) تقول التّوراة : إن آدم لم يكن عالما ولا عارفا قبل أكله من شجرة العلم والمعرفة ، حتى أنّه لا يعرف ولم يميّز عريه ، وعند ما أكل من تلك الشجرة ، وصار إنسانا بمعنى الكلمة طرد من الجنّة خشية أن يأكل من شجرة الحياة أيضا فيخلد كما الآلهة.
وهذا من أوضح القرائن الشاهدة على أنّ التّوراة الرائجة ليست كتابا سماويا ، بل هي من نسيج العقل البشري القاصر المحدود ، الذي يعتبر العلم والمعرفة عيبا وشينا للإنسان ، ويعتبر آدم بسبب ارتكابه معصية تحصيل العلم والمعرفة مستحقا للطرد من جنة الله ، وكأنّ الجنّة لم تكن مكان العقلاء الفاهمين ومنزل العلماء العارفين!!
ولملفت للنظر أنّ الدّكتور «ويليم ميلر» الذي يعدّ من مفسري الإنجيل القديرين والبارزين بل من مفسّري العهدين (التّوراة والإنجيل معا) يقول في كتابه المسمى «ما هي المسيحية» : «إنّ الشيطان تسلّل إلى الجنّة في صورة حيّة ، وأقنع حواء بأن تأكل من ثمرة تلك الشجرة ، ثمّ أعطت حواء من تلك الثمرة إلى آدم ، فأكل منها آدم أيضا ، ولم يكن فعل أبوينا الأوليين مجرّد خطأ عادي ، أو غلطة ناشئة من عدم التفكير ، بل كان معصية متعمّدة ضدّ الخالق ، وبعبارة أخرى : إنّ آدم وحواء كانا يريدان بهذا الصنيع أن يصيرا آلهة ، إنّهما لم يرغبا في أن يطيعا الله ، بل كانا يريدان أن يعملا وفق رغباتهما وميولهما الشخصية ، فما ذا كانت
__________________
(١) التّوراة ، سفر التكوين الإصحاح الثاني الفقرة رقم ١٧.