نعم هذه هي ذنوب الشيعة وهم يعترفون بها ، ولكن هل وجدتم في عالمنا هذا من هو أشدّ مظلوميّة من الشيعة ، بحيث تعتبر أفضل نقاط القوّة في تاريخها وعقائدها نقاط ضعف ، ويكيلون لها سيلا من الاتهامات والأكاذيب ، بل ولا يسمحون لها بأن تنشر معتقداتها في أوساط المسلمين وتعرضها عليهم بحرية ، كما يفعل غيرها من الطوائف ، بل يأخذون عقائدها من غيرها.
ترى إذا عملت جماعة بأمر نبيّهم في حين لا يعمل الآخرون به ، فهل يعتبر عمل تلكم الجماعة تفريقا للصفوف ، وشقا لعصى الأمّة؟ وهل يجب صرف هذه الجماعة عن مسارها ليتحقق الاتحاد ، أو تقويم من يسلك غير سبيل المؤمنين؟
٣ ـ إنّ تاريخ العلوم الإسلاميّة يشهد أنّ الشيعة كانوا السبّاقين في أكثر هذه العلوم والمعارف إلى درجة أنه اعتبر الشيعة ، البناة المؤسسين لعلوم الإسلام. (١)
إنّ الكتب التي ألّفها علماء الشيعة في مجال التّفسير والتّأريخ ، والحديث والفقه ، والأصول ، والرجال والفلسفة الإسلامية ، ليست أمورا يمكن تجاهلها وإنكارها أو إخفاؤها ، فهي موجودة في جميع المكتبات (اللهم إلّا اكثر مكتبات أهل السنة الذين لا يسمحون عادة بدخول هذه المؤلّفات والكتب إلى مكتباتهم ، في حين أننا نسمح بدخول مؤلفاتهم في مكتباتنا منذ قرون مديدة) وهذه الكتب شواهد حيّة على ما ذكرناه.
فهل هؤلاء الذين صنّفوا وألّفوا كل هذه الكتب حول الإسلام وتعاليمه ، في سبيل نشرها وبثّها وتعميقها ، كانوا أعداء للإسلام؟
وهل عرفتم عدوّا يحبّ الإسلام بهذه الدرجة؟!
أم هل يستطيع أحد أن يخدم الإسلام الحنيف بمثل هذه الخدمة الكبيرة ، إذا كان محبّا مخلصا ، وعاشقا متيّما؟!
هذا ونقول في ختام حديثنا : إذا أردتم أن نزيل كل هذا الاختلاف والفرقة
__________________
(١) للوقوف على أدلة هذا الموضوع راجع كتاب «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» ، وكتاب «أصل الشيعة وأصولها».