ولهذا حرّمت أيضا.
وعلى هذا الأساس لا يجب أن نتوقع أن تنطوي اللحوم المحرمة دائما على أضرار صحيّة ، بل ربّما حرّمت لأجل أضرارها المعنوية والأخلاقية ، ومن هنا يتضح أنّ الشروط الإسلامية المقرّرة في الذبح على نوعين أيضا :
بعضها ـ مثل قطع الأوداج الأربعة ، وخروج القدر المتعارف من دم الذبيحة ـ لها جانب صحّي.
وبعضها الآخر ـ مثل توجيه مقاديم الذبيحة نحو القبلة عند الذبح ، وذكر اسم الله عنده ، وكون الذابح مسلما ـ لها جانب معنويّ.
ثمّ إنّه سبحانه استثنى ـ في آخر الآية ـ من اضطر إلى تناول شيء ممّا ذكر من اللحوم المحرّمة ، كما لو لم يجد أيّ طعام آخر وتوقفت حياته على تناول شيء من تلك اللحوم ، إذ قال : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١) يعني أنّ من اضطرّ إلى أكل شيء ممّا ذكر من المنهيّات فلا إثم عليه ، بشرط أن يكون للحفاظ على حياته ، لا للذة ، ولا مستحلّا لما حرّمه الله ، أو متجاوزا حدّ الضرورة ، ففي هذه الصورة (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وإنّما اشترط هذان الشرطان لكي لا يتذرع المضطرون بهذه الإباحة فيتعدّوا حدود ما قرّره الله بحجة الاضطرار ، ويتخذوا من ذلك ذريعة لتجاهل حمى القوانين الإلهية.
ولكنّنا نقرأ في بعض الأحاديث الواردة عن آل البيت عليهمالسلام ، مثل الحديث المنقول عن الإمام الصادق عليهالسلام : «الباغي : الظالم ، والعادي : الغاصب» (٢).
كما نقرأ في حديث آخر منقول عن الإمام عليهالسلام أنّه قال : «الباغي : الخارج على
__________________
(١) «الباغي» من «البغي» وهو يعني الطلب ، «والعادي» من «العدو» وهو يعني التجاوز.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٦٥ ، ص ١٣٦ و ١٣٧.