الرّمان قد رصفت الواحدة إلى جنب الأخرى. ففي حبّة الرمان الواحدة قد تكون المئات من هذه القوارير الصغيرة جدا ، يجمع أطرافها غشاء رقيق هو غشاء حبّة الرمان الشفاف ، ثمّ لكي يكون هذا التغليف أكمل وأمتن وأبعد عن الخطر ركّب عدد من الحبات على قاعدة في نظام معين ، ولفت في غلاف أبيض سميك بعض الشيء ، وبعد ذلك يأتي القشر الخارجي للرمانة ، يلف الجميع ليحول دون نفوذ الهواء والجراثيم ، ولمقاومة الضربات ولتقليل تبخر ماء الرمان في الحبات إلى أقل حدّ ممكن.
إنّ هذا الترتيب في التغليف لا يقتصر على الرمان ، فهناك فواكه أخرى ـ مثل البرتقال والليمون ـ لها تغليف مماثل ، أمّا في الأعناب والرمان فالتغليف أدق وألطف.
ولعل الإنسان حذا حذو هذا التغليف عند ما أراد نقل السوائل من مكان إلى مكان ، فهو يصف القناني الصغيرة في علبة ويضع بينها مادة لينة ، ثمّ يضع العلب الصغيرة في علب أكبر ويحمل مجموعها إلى حيث يريد.
وأعجب من ذلك استقرار حبات الرمان على قواعدها الداخلية وأخذ كل منها حصتها من الماء والغذاء وهذا كله ممّا نراه بالعين ، ولو وضعنا ذرات هذه الثمرة تحت المجهر لرأينا عالما صاخبا وتراكيب عجيبة مدهشة محسوبة بأدق حساب.
فكيف يمكن لعين باحثة عن الحقيقة أن تنظر إلى هذه الثمرة ثمّ تقول : إنّ صانعها لا يملك علما ولا معرفة!!
إنّ القرآن إذ يقول (انْظُرُوا) إنّما يريد هذه النظرة الدقيقة إلى هذا القسم من الثمرة للوصول إلى هذه الحقائق.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن المراحل المتعددة التي تمر بها الثمرة منذ تولّدها حتى نضجها تثير الانتباه ، لأنّ «المختبرات» الداخلية في الثمرة لا تنفك