لو تطلعنا إلى السماء عدّة ليال متوالية لانكشف لنا أنّ مواضع النجوم في السماء متناسقة في كل مكان ، وكأنّها حبات لؤلؤ خيطت على قماش أسود ، وإنّ هذا القماش يسحب باستمرار من الشرق إلى الغرب ، وكلها تتحرك معه وتدور حول محور الأرض دون أن تتغير الفواصل بينها ، إنّ الاستثناء الوحيد في هذا النظام هو عدد من الكواكب التي تسمى بالكواكب السيارة لها حركات مستقلة وخاصّة ، وعددها ثمانية : خمسة منها ترى بالعين المجرّدة ، وهي (عطارد والزهرة ، وزحل ، والمريخ والمشتري) وثلاثة لا ترى إلّا بالتلسكوب وهي (أورانوس ونبتون وپلوتو) بالإضافة إلى كوكب الأرض التي تجعل المجموع تسعة.
ولعل إنسان ما قبل التّأريخ كان يعرف شيئا عن «الثوابت» و «السيارات» لأنّه لم يكن هناك ما يمكن أن يجلب انتباهه أكثر من السماء المرصعة بالنجوم في ليلة ظلماء ، فلا يستبعد أن يكون هو أيضا قد استخدم النجوم في الاستهداء ومعرفة الاتجاه.
يستفاد من بعض روايات أهل البيت عليهمالسلام أنّ لهذه الآية تفسيرا آخر ، وهو أنّ المقصود بالنجوم القادة الإلهيين والهداة إلى طريق السعادة ، أي الأئمّة الذين يهتدي بهم الناس في ظلام الحياة فينجون من الضياع ، وسبق أن قلنا أنّ هذه التفاسير المعنوية لا تتنافى مع التفاسير الظاهرية ، ومن الممكن أن تقصد الآية كلا التفسيرين (١).
* * *
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٥٠.