غير المنفقين. وقال البيضاوي في تفسيره (١) (١ / ٤٩٩) : ويجوز أن يراد به المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدّون حقّه. وقال الشوكاني في تفسيره (٢) (٢ / ٣٣٩) : والأولى حمل الآية على عموم اللفظ فهو أوسع من ذلك. وقال الآلوسي في تفسيره (١٠ / ٨٧) : والمراد من الموصول إمّا الكثير من الأحبار والرهبان ، وإمّا المسلمون وهو الأنسب لقوله : (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ).
فرأي أبي ذر أخذاً بمجاميع هذه الكلمات ، هو الصحيح والأنسب والأولى ، وما تفرّد به بل ذهب إليه آخرون ، فلما ذا لا يقذفون هؤلاء بما قُذف به أبو ذر؟ وهل لأبي ذر حساب آخر يسوّغ الفرية عليه دون أولئك؟ نعم. نعم.
وأمّا السنّة فقد روى نظير ما رواه غير واحد من الصحابة ، لكن القوم لم يضمروا على أحد منهم من الحقد ما أضمروه على أبي ذر لمكان رأيه في الإمامة منذ الصدر الأوّل ، ونزعته العلويّة التي لم يزل مجاهراً بها ، ومناوأته للبيت الأمويّ ، فحاولوا تشويه ذكره وتفنيد رأيه بكلّ ما تيسّر لهم ، فمن أولئك الصحابة :
١ ـ عبد الله بن مسعود ، قال : دخل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على بلال وعنده صبرة من تمر فقال : «ما هذا يا بلال؟» قال : أُعدّ ذلك لأضيافك. قال : «أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنّم؟ انفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً».
رواه البزّار (٣) بإسناد حسن والطبراني في الكبير (٤) وقال : «أما تخشى أن يفور له بخار في نار جهنّم».
٢ ـ أبو هريرة ، قال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عاد بلالاً فأخرج له صبراً من تمر فقال :
__________________
(١) تفسير البيضاوي : ١ / ٤٠٣.
(٢) فتح القدير : ٢ / ٣٦٦.
(٣) البحر الزخّار (مسند البزّار) : ٥ / ٣٤٨.
(٤) المعجم الكبير : ١ / ٣٤٠ ح ١٠٢٠ وفيه : يفور لها بخار من جهنم.