إن دام هذا ولم يحدثْ به غِيَرٌ |
|
لم يُبكَ ميتٌ ولم يُفرحْ بمولودِ |
فإن كانت فدك نحلة فأيّ مساس بها لمروان؟ وأيُّ سلطة عليها لعثمان؟ حتى يقطعها لأحد. ولقد تضاربت أعمال الخلفاء الثلاثة في أمر فدك فانتزعها أبو بكر من أهل البيت ، وردّها عمر إليهم ، وأقطعها عثمان لمروان ، ثمّ كان فيها ما كان في أدوار المستحوذين على الأمر منذ عهد معاوية وهلمّ جرّا فكانت تؤخذ وتعطى ، ويفعلون بها ما يفعلون بقضاء من الشهوات ، كما فصّلناه في الجزء السابع (ص ١٩٥ ـ ١٩٧) ولم يُعمل برواية أبي بكر في عصر من العصور ، فإن صانعه الملأ الحضور على سماع ما رواه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحابوه وجاملوه ، فقد أبطله من جاء بعده بأعمالهم وتقلّباتهم فيها بأنحاء مختلفة.
بل إنّ أبا بكر نفسه أراد أن يبطل روايته بإعطاء الصكّ للزهراء فاطمة ، غير أنّ ابن الخطّاب منعه وخرق الكتاب كما مرّ في الجزء السابع عن السيرة الحلبيّة ، وبذلك كلّه تعرف قيمة تلك الرواية ومقدار العمل عليها وقيمة هذا الإقطاع ، وسيوافيك قول مولانا أمير المؤمنين في قطائع عثمان.
ـ ٣٠ ـ
رأي الخليفة في الأموال والصدقات
لم تكن فدك ببدع من سائر الأموال من الفيء والغنائم والصدقات عند الخليفة بل كان له رأي حرّ فيها وفي مستحقّيها ، كان يرى المال مال الله ، ويحسب نفسه وليّ المسلمين ، فيضعه حيث يشاء ويفعل فيه ما يريد ، فقام كما قال مولانا أمير المؤمنين : «نافجاً حضنيه بين نثيله ومُعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يَخضمون مال الله خَضمة الإبل نبتة الربيع» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة : ١ / ٣٥ [ص ٤٩ خطبة ٣]. (المؤلف)