دولاً ، وعباده خولاً ، ودينه دخلاً ، وكتابه دغلاً ، غير أنّهم ما كانوا يجادلون بالقرآن ، وما كانوا يعرفون منه إلاّ ظاهراً من قوله تعالى : (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا) (١) وكانت مجادلتهم مجالدة بالحراب والعتاد ، وكان قولهم في ذلك صخباً وجلبة ، فتبعهم الآلوسي تحت جامع النزعة.
٦ ـ حسبانه بأنّ خروجه إلى الربذة كان مللاً منه من تعرّض الناس وازدحامهم عليه مستغربين منه رأيه ، بعد أن استشار عثمان فأشار إليه بالذهاب إليها فسكن فيها حسبما يريد. وهذه أُكذوبة أخرى ، فقد مرّ فيما تقدّم أنّه نُفي إلى الربذة ، ومُنع الناس عن مشايعته ، فلم يدنُ منه أحد إلاّ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وابناه الإمامان وعمّار معهم ، وما جرى بينهم وبين مروان ، ثمّ ما جرى بين الإمام وبين عثمان ، وما قال له مشايعوه من كلمات التسلية ، وما قاله أبو ذر نفسه لمن زاره في الربذة ، وقول عثمان لعمّار : يا عاضّ أير أبيه أتحسب أنّي ندمت من تسييره؟ إلى كلمات أخرى كلّها صريحة في تسييره على صورة غير مرضية ، ونقمة الصحابة جمعاء على من فعل به ذلك. وقد عرفت قبل هذه كلّها إخبار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك النفي والإخراج بالرغم من أشواق أبي ذر المحتدمة على جواره مرقد النبيّ الأعظم ، فراجع تفاصيل هذه الجمل فيما تقدّم من صحائف هذا الجزء. لكن الآلوسي أراد أن يخفّف وطأة النقد على من والاه وردّ النقمة عنه فصدّر للقصّة صورة خياليّة ، وحسب أنّ التنقيب لا يكشف عن عوارها ، وليت اللجنة الحاكمة لم تتغافل عن أنّ هذه الجملة الأخيرة تنافي ما استشهدت به من كلام ابني كثير وحجر ، فقد اعترفا بأنّ خروج أبي ذر إلى الربذة كان تسييراً بلا اختيار منه ، غير أنّهما حاولا الاعتذار عن قِبَل من ارتكب ذلك.
٧ ـ قوله : هذا ما يُعوّل عليه في هذه القصّة ... إلخ. انظر إلى هذا الرجل كيف
__________________
(١) القصص : ٧٧.